NASAIH_WSARI55 Telegram 161310
*الطلاق بين مصيبتين*

المصيبة الأولى:
تساهل كثير من العوام في الطلاق بحيث يطلق بالثلاث وربما بالعشر، ويطلق لأتفه الأسباب، وإذا أراد أن يضيف أحدا حلف بالطلاق، وإذا غضب طلاق زوجته، وإذا أراد أن يمنع زوجته من شيء حلف بالطلاق، ويطلق في الحيض ويطلق في طهر وطأها فيه، والله عز وجل شرع الطلاق عند إرادة الفراق إذا قرر الزوج إنهاء العلاقة الزوجية، وشرع للمرأة الخلع عند تضررها بالبقاء مع الزوج وعدم الحصول على الطلاق من قبل الزوج، فلم يُشرع الطلاق للأيمان والتهديد والهزل واللعب ونحو ذلك، وسبب نزول قوله تعالى (وَلَا تَتَّخِذُوۤا۟ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ هُزُوࣰاۚ)
الرجل الذي طلق أكثر من طلقة في مجلس واحد.
وأكثر أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة على أن الحلف بالطلاق -سواء أريد به الطلاق، أم التهديد، أم المنع، أم الحث، أم التأكيد، يقع الطلاق بالحنث فيه، وأكثر أهل العلم أن من طلق زوجته ثلاث تطليقات فإنها تقع ثلاثا، وأكثر أهل العلم على أن الطلاق في الحيض يقع وأن طلاق الغضبان الذي لم يغب عقله يقع، يعني تبين منه بينونة كبرى عند الأئمة الأربعة وأكثر أهل العلم فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، فالمسألة خطيرة، ومن أدلتهم حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ : النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ ". قال الإمام الترمذي رحمه الله: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغَيْرِهِمْ. انتهى.

ومن أدلتهم فتوى عمر رضي الله عنه عندما تساهل الناس في الطلاق وكان الواحد يطلق ثلاثا دفعة واحدة فأمضاها عمر عقوبة وزجرا لهم، وأن من طلق ثلاثا فإنها تحرم عليه وتحسب ثلاثا، والسنة أن يطلق واحدة، فإذا أراد أن يراجع فله ذلك ما لم يطلق الثالثة وإذا راجعها في العدة والطلاق رجعي بعد الطلقة الأُولى أو الثانية فلا يحتاج إلى عقد، وبعد الخروج من العدة إذا لم تتزوج فله أن يراجعها إذا كانت الطلقة الأُولى أو الثانية لكن بعقد ومهر وشهود وولي، أما بعد الثلاث فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره كما في الآية وليس له أن يراجعها لا في العدة ولا بعد العدة.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
أنصح الأزواج عامة ألا يتساهلوا بلفظ الطلاق، وألا يتسرعوا فيه، وأقول: إن الرجل إذا قال لزوجته: إن فعلت كذا فأنت طالق، أو عليَّ الطلاق أن تفعلي كذا، ثم خالفت؛ فإن أكثر العلماء يرون أنها تطلق على كل حال، ويقولون: إن هذا أتى بصريح الطلاق، فوجب أن يقع الطلاق، كما لو أتى به غير معلق، ومعلوم أن الإنسان إذا قال لزوجته: أنت طالق فإنها تطلق. انتهى.

ومن سأل مفتيا نصبته الدولة أو سأل من هو أهل للفتوى ممن يثق بدينه وعلمه فما أفتاه عمل به سواء أفتاه بقول عامة أهل العلم والأئمة الأربعة وجمهور الأمة وهو وقوع الطلاق في الصور السابقة أو أفتاه بالقول الآخر وهو عدم الوقوع في الحيض وفي شدة الغضب، وفي طلاق الثلاث معا أنها واحدة، كما هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من أهل العلم.
لكن الكثير من العوام لا يتعب نفسه في السؤال عن هذا الميثاق الغليظ الذي تترتب عليه أحكام عظيمة تتعلق بالنسب والمحرمية والميراث والحلال والحرام، بل ربما ذهب إلى إمام المسجد في الحي أو إلى صاحب عمامة أو لحية أو أستاذ في المدرسة ولو لم يكن من أهل الفتوى ثم يسألهم، وهذه مصيبة عظيمة.

المصيبة الثانية: تساهل كثير ممن يفتي في هذا الأمر وهو ليس أهلا لذلك، ومسائل الطلاق من المسائل التي فيها خلاف شديد وعويص بين أهل العلم، وفي كثير من مسائل الطلاق دقائق لا يفهمها إلا من عنده فقه متين، ثم ما يترتب على الفتوى من أحكام عظيمة، لقد كان يتورع عن الفتوى في الطلاق بالذات الكبار سلفا وخلفا بينما تجد البعض اليوم يقحم نفسه وهو في عافية وقد كفي بغيره، وقد سمعت شيخنا الشيخ عبد المحسن العبّاد شيخ المدينة النبوية ومحدثها وفقيهها يقول وقد سُئل عن مسألة في الطلاق كما في المقطع الصوتي فاعتذر وقال ثلاثة أبواب أنا لا أفتي فيها وذكر منها التكفير والطلاق.انتهى.

وقد قال الإمام النووي رحمه الله في كتابه آداب الفتوى والمفتي والمستفتي:
يحرم التساهل فِي الْفَتْوَى وَمن عرِف بِهِ حرُم استفتاؤه
فَمن التساهل أَن لَا يتثبت ويُسرِع بالفتوى قبل اسْتِيفَاء حقِّها من النّظر والفكر فَإِن تقدّمت مَعْرفَته بالمسؤول عَنهُ فَلَا بَأْس بالمبادرة وعَلى هَذَا يحمل مَا نقل عَن الماضين من مبادرة، انتهى. والإمام النووي رحمه الله يتحدث عن من هو أهل للفتوى لكنه يتساهل في الفتوى، والمفتي له شروط عند أهل العلم مذكورة في كتب الفقه وأصول الفقه، فماذا يقال بين من جمع بين عدم الأهلية والتساهل؟
👍851



tgoop.com/Nasaih_wsari55/161310
Create:
Last Update:

*الطلاق بين مصيبتين*

المصيبة الأولى:
تساهل كثير من العوام في الطلاق بحيث يطلق بالثلاث وربما بالعشر، ويطلق لأتفه الأسباب، وإذا أراد أن يضيف أحدا حلف بالطلاق، وإذا غضب طلاق زوجته، وإذا أراد أن يمنع زوجته من شيء حلف بالطلاق، ويطلق في الحيض ويطلق في طهر وطأها فيه، والله عز وجل شرع الطلاق عند إرادة الفراق إذا قرر الزوج إنهاء العلاقة الزوجية، وشرع للمرأة الخلع عند تضررها بالبقاء مع الزوج وعدم الحصول على الطلاق من قبل الزوج، فلم يُشرع الطلاق للأيمان والتهديد والهزل واللعب ونحو ذلك، وسبب نزول قوله تعالى (وَلَا تَتَّخِذُوۤا۟ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ هُزُوࣰاۚ)
الرجل الذي طلق أكثر من طلقة في مجلس واحد.
وأكثر أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة على أن الحلف بالطلاق -سواء أريد به الطلاق، أم التهديد، أم المنع، أم الحث، أم التأكيد، يقع الطلاق بالحنث فيه، وأكثر أهل العلم أن من طلق زوجته ثلاث تطليقات فإنها تقع ثلاثا، وأكثر أهل العلم على أن الطلاق في الحيض يقع وأن طلاق الغضبان الذي لم يغب عقله يقع، يعني تبين منه بينونة كبرى عند الأئمة الأربعة وأكثر أهل العلم فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، فالمسألة خطيرة، ومن أدلتهم حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ : النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ ". قال الإمام الترمذي رحمه الله: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغَيْرِهِمْ. انتهى.

ومن أدلتهم فتوى عمر رضي الله عنه عندما تساهل الناس في الطلاق وكان الواحد يطلق ثلاثا دفعة واحدة فأمضاها عمر عقوبة وزجرا لهم، وأن من طلق ثلاثا فإنها تحرم عليه وتحسب ثلاثا، والسنة أن يطلق واحدة، فإذا أراد أن يراجع فله ذلك ما لم يطلق الثالثة وإذا راجعها في العدة والطلاق رجعي بعد الطلقة الأُولى أو الثانية فلا يحتاج إلى عقد، وبعد الخروج من العدة إذا لم تتزوج فله أن يراجعها إذا كانت الطلقة الأُولى أو الثانية لكن بعقد ومهر وشهود وولي، أما بعد الثلاث فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره كما في الآية وليس له أن يراجعها لا في العدة ولا بعد العدة.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
أنصح الأزواج عامة ألا يتساهلوا بلفظ الطلاق، وألا يتسرعوا فيه، وأقول: إن الرجل إذا قال لزوجته: إن فعلت كذا فأنت طالق، أو عليَّ الطلاق أن تفعلي كذا، ثم خالفت؛ فإن أكثر العلماء يرون أنها تطلق على كل حال، ويقولون: إن هذا أتى بصريح الطلاق، فوجب أن يقع الطلاق، كما لو أتى به غير معلق، ومعلوم أن الإنسان إذا قال لزوجته: أنت طالق فإنها تطلق. انتهى.

ومن سأل مفتيا نصبته الدولة أو سأل من هو أهل للفتوى ممن يثق بدينه وعلمه فما أفتاه عمل به سواء أفتاه بقول عامة أهل العلم والأئمة الأربعة وجمهور الأمة وهو وقوع الطلاق في الصور السابقة أو أفتاه بالقول الآخر وهو عدم الوقوع في الحيض وفي شدة الغضب، وفي طلاق الثلاث معا أنها واحدة، كما هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من أهل العلم.
لكن الكثير من العوام لا يتعب نفسه في السؤال عن هذا الميثاق الغليظ الذي تترتب عليه أحكام عظيمة تتعلق بالنسب والمحرمية والميراث والحلال والحرام، بل ربما ذهب إلى إمام المسجد في الحي أو إلى صاحب عمامة أو لحية أو أستاذ في المدرسة ولو لم يكن من أهل الفتوى ثم يسألهم، وهذه مصيبة عظيمة.

المصيبة الثانية: تساهل كثير ممن يفتي في هذا الأمر وهو ليس أهلا لذلك، ومسائل الطلاق من المسائل التي فيها خلاف شديد وعويص بين أهل العلم، وفي كثير من مسائل الطلاق دقائق لا يفهمها إلا من عنده فقه متين، ثم ما يترتب على الفتوى من أحكام عظيمة، لقد كان يتورع عن الفتوى في الطلاق بالذات الكبار سلفا وخلفا بينما تجد البعض اليوم يقحم نفسه وهو في عافية وقد كفي بغيره، وقد سمعت شيخنا الشيخ عبد المحسن العبّاد شيخ المدينة النبوية ومحدثها وفقيهها يقول وقد سُئل عن مسألة في الطلاق كما في المقطع الصوتي فاعتذر وقال ثلاثة أبواب أنا لا أفتي فيها وذكر منها التكفير والطلاق.انتهى.

وقد قال الإمام النووي رحمه الله في كتابه آداب الفتوى والمفتي والمستفتي:
يحرم التساهل فِي الْفَتْوَى وَمن عرِف بِهِ حرُم استفتاؤه
فَمن التساهل أَن لَا يتثبت ويُسرِع بالفتوى قبل اسْتِيفَاء حقِّها من النّظر والفكر فَإِن تقدّمت مَعْرفَته بالمسؤول عَنهُ فَلَا بَأْس بالمبادرة وعَلى هَذَا يحمل مَا نقل عَن الماضين من مبادرة، انتهى. والإمام النووي رحمه الله يتحدث عن من هو أهل للفتوى لكنه يتساهل في الفتوى، والمفتي له شروط عند أهل العلم مذكورة في كتب الفقه وأصول الفقه، فماذا يقال بين من جمع بين عدم الأهلية والتساهل؟

BY قناة نصائح زوجية وأسرية


Share with your friend now:
tgoop.com/Nasaih_wsari55/161310

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Find your optimal posting schedule and stick to it. The peak posting times include 8 am, 6 pm, and 8 pm on social media. Try to publish serious stuff in the morning and leave less demanding content later in the day. Matt Hussey, editorial director of NEAR Protocol (and former editor-in-chief of Decrypt) responded to the news of the Telegram group with “#meIRL.” Don’t publish new content at nighttime. Since not all users disable notifications for the night, you risk inadvertently disturbing them. More>> Hui said the messages, which included urging the disruption of airport operations, were attempts to incite followers to make use of poisonous, corrosive or flammable substances to vandalize police vehicles, and also called on others to make weapons to harm police.
from us


Telegram قناة نصائح زوجية وأسرية
FROM American