NHHKM Telegram 78732
الحر بن يزيد الرياحي، أسوة للمنتظرين.



رغم أني قد ختمت سلسلة أصحاب الحسين أسوة للمنتظرين، وجمعتها ونشرتها في كتيب، لكن لم أستطع أن أترك الكلام عن الحر.


الحر بن يزيد نشأ في بيئة فاجرة، طالحة، كانت بعيدة كل البعد عن أهل بيت النبوة، وكان كل غرضها ورغبتها وكيانها هو الملك والدنيا والمال والسلطة.
لذلك، يمكن القول بكل ثقة أن الحر وبيئته التي عاش فيها كان مصداق تام للإنسان التائه الضال، الذي لا يرى أي ملامح للنور والهداية في حياته، وقد حصل ما يتمناه أغلب أهل الدنيا، فقد كان قائداً لألف جندي في جيش ابن زياد، وكان من رجاله الخاصين وثقاته، لذلك، لم يتردد في أن يكون أول من ينفذ أوامر ابن زياد باعتقال الإمام الحسين وأخذه للكوفة مخفوراً مقيداً، فإن عجز عن ذلك حاصره وضيق عليه وأغلق عليه الطرق، ومنعه من العودة للمدينة أو دخول الكوفة، حتى أجبره على النزول في كربلاء، قد فعل كل ذلك من دون أن يبالي في أن ذلك فيه خسارة لآخرته.
لكن، وسط كل هذا الضلام، كان هنالك بصيص من النور في قلبه، فرغم تضييقه على الإمام الحسين، إلا أنه كان يظهر الإحترام للإمام الحسين طوال الطريق، ولم يسجل لنا التاريخ أي إساءة صدرت منه تجاه الإمام الحسين، لذلك، كان الإمام الحسين يقسو عليه أحياناً لكي يوقظ ضميره ويهيج شعلة الهداية التي في قلبه، فقد قال له الإمام في احدى حواراتهم " ثكلتك أمك" لكن الحر لم يستطع أن يرد عليه لأن أمه فاطمة الزهراء، ورغم أن كلام الإمام ظاهراً فيه قسوة عليه، لكنه أجج شعلة الهداية التي في داخله، حيث جعلته يتأمل في أنه كيف يقف بوجه الإمام رغم أن أمه فاطمة!

وهكذا بقي الحر في طاعة السلطان، حيث نزل الإمام الحسين كربلاء يوم 2 محرم، ونزل عنده عمر بن سعد يوم 3 محرم مع 4000 مقاتل، فكان الحر أول من ينضم لمعسكر عمر بن سعد رفقة 1000 مقاتل، فأصبح جيش عمر 5000.
جاء الأمر لابن سعد يوم 7 محرم بمنع الماء عن الإمام الحسين، ومنعوه، وبقي الحر في صفهم!
وكان الحر شاهداً على كل الحوارات التي جرت بين عمر بن سعد وابن زياد والشمر حيث كان ابن سعد يسعى لمنع الحرب وفشلت كل محاولاته، بعد اصرار ابن زياد والشمر على الحرب، ورغم ذلك بقي معهم.
جاء الأمر لإبن سعد يوم 9 محرم بقتال الإمام الحسين وزحفوا نحو الإمام الحسين لقتاله، قبل أن يؤجل العباس ذلك ليوم العاشر بأمر الحسين، وكان الحر معهم ولم يعترض بشيء ولم يخالفهم وبقي معهم.
حل يوم العاشر، وتجيشت الجيوش وتعسكرت العساكر لقتل الحسين، وهنا، في اللحظة الأخيرة، نعم حرفياً في الوقت بدل الضائع، دخل الحر في معركة فكرية:
فتارة يفكر في أن يستمر على وضعه وعلى بيئته وعلى ما نشأ عليه، ويحافظ على حياته، وعلى سلطانه وملكه، وعلى قربه من السلطان.
وتارة يفكر بالتضحية في كل شيء، في سلطانه وملكه، في مكانته عند السلطان، وفي حياته أيضاً، ويذهب ليُقتل دون الحسين وأهله.

وهكذا أصبح فكرة تأخذه يميناً، واخرى شمالاً، ليتخذ القرار الحاسم بعدها، بترك كل شيء، والتضحية بكل شيء ليختار القتل دون الحسين، والخروج من المستنقع الذي قضى عمره فيه!
يمكن القول حقاً أن هذه أصعب توبة في التاريخ، فالمذنب عادة يتمسك بأبسط منفعة يراها ليبقى على ذنبه، فكيف بالحر الذي قضى عمره في مستنقع الضلالة، وأصبح قائداً فيه وله مكانته ومنصبه، اضافة لكون توبته تعني التضحية بحياته واختياره القتل، كل هذه عوامل تصعب التوبة عليه وتجعله أكثر تمسكاً بالدنيا، لكن الحر رحمه الله كان عظيم الإرادة، فكسر كل هذه الحواجز، واختار التوبة ونصرة الحسين والقتل دونه، حتى مضى شهيداً بين يديه، رحمة الله عليه.



يعلمنا الحر أيها الأعزاء أهمية الإرادة في نصرة إمام الزمان، فنحن مهما كان لدينا من ذنوب وحواجز بيننا وبين إمام زماننا، فأنها لن تصل لذنوب الحر والحواجز التي كانت بينه وبين الحق، الذي بإرادته الحاسمة ترك كل شيء واختار القتل دون إمامه.
وهكذا نحن لو أردنا التأسي بالحر، فبإرادة حاسمة كإرادة الحر، يمكننا ترك ما انغمسنا فيه من ذنوبنا وملذاتنا التي تحجبنا عن إمام زماننا.


تمت مشاركته بواسطة: بوت تذكرة مهدوية
@Alnashirmahdawi2bot



tgoop.com/NHHkm/78732
Create:
Last Update:

الحر بن يزيد الرياحي، أسوة للمنتظرين.



رغم أني قد ختمت سلسلة أصحاب الحسين أسوة للمنتظرين، وجمعتها ونشرتها في كتيب، لكن لم أستطع أن أترك الكلام عن الحر.


الحر بن يزيد نشأ في بيئة فاجرة، طالحة، كانت بعيدة كل البعد عن أهل بيت النبوة، وكان كل غرضها ورغبتها وكيانها هو الملك والدنيا والمال والسلطة.
لذلك، يمكن القول بكل ثقة أن الحر وبيئته التي عاش فيها كان مصداق تام للإنسان التائه الضال، الذي لا يرى أي ملامح للنور والهداية في حياته، وقد حصل ما يتمناه أغلب أهل الدنيا، فقد كان قائداً لألف جندي في جيش ابن زياد، وكان من رجاله الخاصين وثقاته، لذلك، لم يتردد في أن يكون أول من ينفذ أوامر ابن زياد باعتقال الإمام الحسين وأخذه للكوفة مخفوراً مقيداً، فإن عجز عن ذلك حاصره وضيق عليه وأغلق عليه الطرق، ومنعه من العودة للمدينة أو دخول الكوفة، حتى أجبره على النزول في كربلاء، قد فعل كل ذلك من دون أن يبالي في أن ذلك فيه خسارة لآخرته.
لكن، وسط كل هذا الضلام، كان هنالك بصيص من النور في قلبه، فرغم تضييقه على الإمام الحسين، إلا أنه كان يظهر الإحترام للإمام الحسين طوال الطريق، ولم يسجل لنا التاريخ أي إساءة صدرت منه تجاه الإمام الحسين، لذلك، كان الإمام الحسين يقسو عليه أحياناً لكي يوقظ ضميره ويهيج شعلة الهداية التي في قلبه، فقد قال له الإمام في احدى حواراتهم " ثكلتك أمك" لكن الحر لم يستطع أن يرد عليه لأن أمه فاطمة الزهراء، ورغم أن كلام الإمام ظاهراً فيه قسوة عليه، لكنه أجج شعلة الهداية التي في داخله، حيث جعلته يتأمل في أنه كيف يقف بوجه الإمام رغم أن أمه فاطمة!

وهكذا بقي الحر في طاعة السلطان، حيث نزل الإمام الحسين كربلاء يوم 2 محرم، ونزل عنده عمر بن سعد يوم 3 محرم مع 4000 مقاتل، فكان الحر أول من ينضم لمعسكر عمر بن سعد رفقة 1000 مقاتل، فأصبح جيش عمر 5000.
جاء الأمر لابن سعد يوم 7 محرم بمنع الماء عن الإمام الحسين، ومنعوه، وبقي الحر في صفهم!
وكان الحر شاهداً على كل الحوارات التي جرت بين عمر بن سعد وابن زياد والشمر حيث كان ابن سعد يسعى لمنع الحرب وفشلت كل محاولاته، بعد اصرار ابن زياد والشمر على الحرب، ورغم ذلك بقي معهم.
جاء الأمر لإبن سعد يوم 9 محرم بقتال الإمام الحسين وزحفوا نحو الإمام الحسين لقتاله، قبل أن يؤجل العباس ذلك ليوم العاشر بأمر الحسين، وكان الحر معهم ولم يعترض بشيء ولم يخالفهم وبقي معهم.
حل يوم العاشر، وتجيشت الجيوش وتعسكرت العساكر لقتل الحسين، وهنا، في اللحظة الأخيرة، نعم حرفياً في الوقت بدل الضائع، دخل الحر في معركة فكرية:
فتارة يفكر في أن يستمر على وضعه وعلى بيئته وعلى ما نشأ عليه، ويحافظ على حياته، وعلى سلطانه وملكه، وعلى قربه من السلطان.
وتارة يفكر بالتضحية في كل شيء، في سلطانه وملكه، في مكانته عند السلطان، وفي حياته أيضاً، ويذهب ليُقتل دون الحسين وأهله.

وهكذا أصبح فكرة تأخذه يميناً، واخرى شمالاً، ليتخذ القرار الحاسم بعدها، بترك كل شيء، والتضحية بكل شيء ليختار القتل دون الحسين، والخروج من المستنقع الذي قضى عمره فيه!
يمكن القول حقاً أن هذه أصعب توبة في التاريخ، فالمذنب عادة يتمسك بأبسط منفعة يراها ليبقى على ذنبه، فكيف بالحر الذي قضى عمره في مستنقع الضلالة، وأصبح قائداً فيه وله مكانته ومنصبه، اضافة لكون توبته تعني التضحية بحياته واختياره القتل، كل هذه عوامل تصعب التوبة عليه وتجعله أكثر تمسكاً بالدنيا، لكن الحر رحمه الله كان عظيم الإرادة، فكسر كل هذه الحواجز، واختار التوبة ونصرة الحسين والقتل دونه، حتى مضى شهيداً بين يديه، رحمة الله عليه.



يعلمنا الحر أيها الأعزاء أهمية الإرادة في نصرة إمام الزمان، فنحن مهما كان لدينا من ذنوب وحواجز بيننا وبين إمام زماننا، فأنها لن تصل لذنوب الحر والحواجز التي كانت بينه وبين الحق، الذي بإرادته الحاسمة ترك كل شيء واختار القتل دون إمامه.
وهكذا نحن لو أردنا التأسي بالحر، فبإرادة حاسمة كإرادة الحر، يمكننا ترك ما انغمسنا فيه من ذنوبنا وملذاتنا التي تحجبنا عن إمام زماننا.


تمت مشاركته بواسطة: بوت تذكرة مهدوية
@Alnashirmahdawi2bot

BY بَـصيرةً قَـلبْ


Share with your friend now:
tgoop.com/NHHkm/78732

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

The main design elements of your Telegram channel include a name, bio (brief description), and avatar. Your bio should be: Today, we will address Telegram channels and how to use them for maximum benefit. In the next window, choose the type of your channel. If you want your channel to be public, you need to develop a link for it. In the screenshot below, it’s ”/catmarketing.” If your selected link is unavailable, you’ll need to suggest another option. 6How to manage your Telegram channel? While the character limit is 255, try to fit into 200 characters. This way, users will be able to take in your text fast and efficiently. Reveal the essence of your channel and provide contact information. For example, you can add a bot name, link to your pricing plans, etc.
from us


Telegram بَـصيرةً قَـلبْ
FROM American