tgoop.com/Mohb_Anaaash_Alamen/6570
Last Update:
يخبر تبارك وتعالى أنه لا بد أن يمتحن عباده بالسراء والضراء والمشقة كما فعل بمن قبلهم، فهي سنته الجارية، التي لا تتغير ولا تتبدل، أن من قام بدينه وشرعه، لا بد أن يبتليه، فإن صبر على أمر الله، ولم يبال بالمكاره الواقفة في سبيله، فهو الصادق الذي قد نال من السعادة كمالها، ومن السيادة آلتها.
ومن جعل فتنة الناس كعذاب الله، بأن صدته المكاره عما هو بصدده، وثنته المحن عن مقصده، فهو الكاذب في دعوى الإيمان، فإنه ليس الإيمان بالتحلي والتمني، ومجرد الدعاوى، حتى تصدقه الأعمال أو تكذبه.
فقد جرى على الأمم الأقدمين ما ذكر الله عنهم ( مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ ) أي: الفقر ( وَالضَّرَّاءُ ) أي: الأمراض في أبدانهم ( وَزُلْزِلُوا ) بأنواع المخاوف من التهديد بالقتل، والنفي، وأخذ الأموال، وقتل الأحبة، وأنواع المضار حتى وصلت بهم الحال، وآل بهم الزلزال، إلى أن استبطأوا نصر الله مع يقينهم به.
ولكن لشدة الأمر وضيقه قال ( الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ).
فلما كان الفرج عند الشدة، وكلما ضاق الأمر اتسع، قال تعالى: ( أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ) فهكذا كل من قام بالحق فإنه يمتحن.
فكلما اشتدت عليه وصعبت، إذا صابر وثابر على ما هو عليه انقلبت المحنة في حقه منحة، والمشقات راحات، وأعقبه ذلك، الانتصار على الأعداء وشفاء ما في قلبه من الداء انتهى
وقال تعالى (إِنَّ ٱلَّذِینَ یَكۡفُرُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ وَیَقۡتُلُونَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ بِغَیۡرِ حَقࣲّ وَیَقۡتُلُونَ ٱلَّذِینَ یَأۡمُرُونَ بِٱلۡقِسۡطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِیمٍ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِینَ) [سورة آل عمران 21 - 22]
والآيات في هذا المعنى
وفي صحيح البخاري عن سعد _رضي الله عنه _ "ﺃﺷﺪ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﻼء اﻷﻧﺒﻴﺎء ﺛﻢ اﻷﻣﺜﻞ ﻓﺎﻷﻣﺜﻞ ﻳﺒﺘﻠﻰ اﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﺩﻳﻨﻪ ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺩﻳﻨﻪ ﺻﻠﺒﺎ اﺷﺘﺪ ﺑﻼﺅﻩ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺩﻳﻨﻪ ﺭﻗﺔ اﺑﺘﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﺩﻳﻨﻪ ﻓﻤﺎ ﻳﺒﺮﺡ اﻟﺒﻼء ﺑﺎﻟﻌﺒﺪ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺮﻛﻪ ﻳﻤﺸﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﺭﺽ ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺧﻄﻴﺌﺔ".
وفي المعاني أحاديث كثيرة فكيف استجزتم لأنفسكم أن تقولوا ابتلاء الله لكم عقوبة؟!
هل اطلعتم على الغيب؟!
ألا تخافون الله من هذا الافتئتات الذي لا سلف لكم فيه إلا أهل الأهواء ليلبسوا على عوام الناس إذا رأوا مبتلى من أهل السنة لا سيما إذا كان داعيا إلى الله وكاشفا لعوارهم يقولون: انظروا كيف انتقم الله منهم وكيف أنهم على باطل وأننا أولياء الله الذين يحارب الله من حاربهم!
قال العلامة الألوسي وهو يرد على النبهاني نفس هذه الشبهة :
اﻷﻣﺮ اﻟﺴﺎﺩﺱ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﻮﺭ: ﺃﻥ اﻟﻐﻼﺓ ﻭﻋﺒﺪﺓ اﻟﻘﺒﻮﺭ ﻭﺳﺎﻟﻜﻲ اﻟﻄﺮﻕ اﻟﻤﺒﺘﺪﻋﺔ ﻳﻜﻴﺪﻭﻥ اﻟﺠﻬﻠﺔ ﻭاﻟﻌﻮاﻡ ﺑﻤﻜﺎﺋﺪ ﻛﺜﻴﺮﺓ؛ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ، ﻭﻣﻨﻬﺎ: ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮا ﻟﻬﻢ: ﺇﻥ اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﻴﻦ ﻟﻨﺎ ﻟﻢ ﺗﺰﻝ ﺗﺼﻴﺒﻬﻢ ﻧﻜﺒﺎﺕ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﺼﺎﺋﺒﻬﺎ ﺑﺨﻼﻑ ﻣﻦ ﺳﻠﻚ ﻣﺴﻠﻜﻨﺎ، ﻓﺈﻧﺎ ﻣﻤﺘﻌﻮﻥ ﻣﻨﻌﻤﻮﻥ ﺑﻨﻌﻢ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﻨﺎﺻﺒﻬﺎ اﻟﺮﻓﻴﻌﺔ، ﻭﻣﺮاﺗﺒﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ، ﻭاﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻴﺎء اﻷﻣﻮﺭ، اﻧﻈﺮﻭا ﺇﻟﻰ ﻓﻼﻥ ﻭﻓﻼﻥ ﻭﻓﻼﻥ، ﻭﻳﻌﺪﺩﻭﻥ ﻟﻬﻢ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ ﻛﻼﺏ اﻟﺪﻧﻴﺎ اﻟﺪﻧﻴﺔ، ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻟﻬﻢ: ﺛﻢ اﻧﻈﺮﻭا ﺇﻟﻰ ﻣﺨﺎﻟﻔﻴﻨﺎ ﻛﺎﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺃﺿﺮاﺑﻪ، ﻭﻳﺬﻛﺮﻭﻥ ﻟﻬﻢ ﻣﺎ ﺣﻞ ﺑﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﻴﻦ، ﻭﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻜﻴﺪ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻳﻜﺮﺭﻩ اﻟﻨﺒﻬﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ "ﺷﻮاﻫﺪ اﻟﺤﻖ" اﻟﺬﻱ ﺗﺼﺪﻳﻨﺎ ﻟﺮﺩﻩ، ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻣﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﺃﺧﺮﻯ: ﺇﻥ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺷﻖ اﻟﻌﺼﺎ، ﻭﺷﻮﺵ ﻋﻘﺎﺋﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺎ اﺧﺘﺎﺭﻩ ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﺟﻮاﺯ ﺩﻋﺎء ﻏﻴﺮ اﻟﻠﻪ، ﻭاﻻﻟﺘﺠﺎء ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﻮاﻩ ﻭﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ، ﻭﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﺒﺎﺭﻙ ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻬﺎ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺑﺬﻟﻚ، ﻭﺇﻥ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﺗﻔﻘﻮا ﻋﻠﻰ ﺣﺒﺴﻪ اﻟﺤﺒﺲ اﻟﻄﻮﻳﻞ، ﻓﺤﺒﺴﻪ ﺣﺎﻛﻢ ﻣﺼﺮ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻭﻣﻨﻌﻪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺒﺲ، ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺪﻭاﺓ، ﻭﻣﺎﺕ ﻓﻲ اﻟﺤﺒﺲ، ﻭﻧﺤﻮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ اﻟﻬﺬﻳﺎﻥ، ﻭﻫﻜﺬا ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻓﻲ "اﻟﺠﻮﻫﺮ اﻟﻤﻨﻈﻢ" ﻭﻓﻲ "ﻓﺘﺎﻭاﻩ"، ﻭﻫﻜﺬا اﻟﺴﺒﻜﻲ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻛﺘﺒﻪ.
ﻭاﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻟﻪ ﻧﻈﺮ ﻭﺑﺼﻴﺮﺓ ﻻ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻬﺬﻳﺎﻥ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﻼﻡ اﻟﺬﻱ ﻳﺸﺒﻪ ﻛﻼﻡ اﻟﺼﺒﻴﺎﻥ، ﺑﻞ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻭاﻟﺒﺮﻫﺎﻥ، ﻭﻣﺎ ﺃﺻﺎﺏ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺃﺿﺮاﺑﻪ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﺤﻖ ﻓﻠﻪ ﺃﺳﻮﺓ ﺑﺴﺎﺩاﺕ ﺃﻫﻞ اﻟﺪﻳﻦ ﻭاﻷﻧﺒﻴﺎء ﻭاﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ، ﺻﻠﻮاﺕ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﻟﻮ ﺑﺴﻄﻨﺎ اﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺎﺑﺮ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻳﻦ ﻭﺃﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻟﻤﺎ ﻭﺳﻌﻪ ﺳﻔﺮ ﻛﺒﻴﺮ، ﻭﻟﻢ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﺼﺮ، ﺑﻞ ﻫﻜﺬا ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻋﺼﺎﺭ.
ﺇﻥ اﻟﺮﻳﺎﺡ ﺇﺫا اﺷﺘﺪﺕ ﻋﻮاﺻﻔﻬﺎ ... ﻓﻠﻴﺲ ﺗﺮﻣﻲ ﺳﻮﻯ اﻟﻌﺎﻟﻲ ﻣﻦ اﻟﺸﺠﺮ ...
إلى أن قال : فيقال للنبهاني: هل كان ما أصاب أولئك الأكابر الأماجد لفساد في الدين؟!
أم لخلل في العقائد؟!
كلا بل ذلك فضل من الله تعالى عليهم، وإعلاء لشأنهم، ابتلوا فصبروا، والدرجات الرفيعة لا تُنال إلا بالثبات على الأهواء، وهيهات أن تحصل راحة بلا تعب وهيهات، وفي الخبر: "حُفّتِ الجنة بالمكاره، والنار بالشهوات"
BY سلسلة الدفاع عن العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله
Share with your friend now:
tgoop.com/Mohb_Anaaash_Alamen/6570