MAISON88 Telegram 50830
الطريق إلى الحجة المبرورة (10)
الأمر ليس بجديد
من توفيق الله أنِّي وقفت على مقالٍ كتبه الشَّيخ عبدالله بن حميد رحمه الله عام 1385ه، يردُّ فيه على مقال كُتب فِي صحيفة سعوديَّة يزعم فيه كاتب المقال أنَّ موافقة خُطَّة سير النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الحجِّ هي من التَّعسير على الحُجَّاج. وقد أوردت غالب الردِّ فِي المسائل الَّتِي نحتاج إليها فِي هَذِهِ الرسالة:
قال الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد: تعقيب وتنبيه حول مقال [الحجُّ بين التَّعسير والتَّيسير]
نشرت جريدة البلاد بعدديها الصادرين فِي 6 محرم، وفي 12 منه، سنة 1385ه، كلمتين للأستاذين الفاضلين: صالح محمد جمال، وأخيه أحمد محمد جمال؛ ومع شكري لهما وتقديري لمواقفهما الإسلاميَّة، بارك الله فيهما، وفي علومهما، غير أنَّه لابدَّ من إيضاح ما ورد من الخطأ فِي كلمتيهما.
قال الأخ الفاضل صالح فِي كلمته بعنوان: "الحجُّ بين التَّعسير والتَّيسير": ذكَّرني هَذَا الاقتراح، بما يعمد إليه خطباء المساجد عندنا، فِي كل عام فِي موسم الحجِّ، من إيراد صفة حجِّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وحث الحُجَّاج أن يحجُّوا كما حجَّ تمامًا... إلخ.
أقول: ناهيك بهذا شرفًا وفضلاً، من أنَّ المسلمين يحجُّون كما حجَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وأنَّ فيهم من يأمر بذلك، ويحثُّ عليه، ويُرغِّب فيه؛ فإنَّ الله أمرنا باتِّباعه، والتمسُّك بهديه. فقال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: 21]، وقال: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُول فَخُذُوهُ﴾ [الحشر: 7]، فهل يجوز لنا أن نُغيِّر فِي شرع الله ودينه؟ وفي صفة الحجِّ وهيئته؟ بحجَّة الفروق الزمنيَّة، واختلاف الوسائل العصريَّة؟! فيختصُّ الشَّرع فِي أناس كانوا فبانوا؟!.
لا أظنُّ أنَّ أحدًا من المسلمين يقول بهذا، أو يعيب على من حثَّ بالاقتداء بالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي الحجِّ، أو الصَّلاة، أو الزَّكاة، والصوم، وغيرها من شرائع الإسلام، فقد قال عبد الله بن مسعود: "اتَّبِعُوا وَلَا تَبْتَدِعُوا، فَقَدْ كُفِيتُمْ"، وقال: "إِنَّكُمُ الْيَوْمَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَإِنَّكُمْ سَتُحْدِثُونَ وَيُحْدَثُ لَكُمْ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مُحْدَثَةٍ فَعَلَيْكُمْ بِالْهَدْيِ الْأَوَّلِ".
مع أنَّ الحثَّ هو الحضُّ، والتَّرغيب وليس الإلزام والإيجاب، فهل يريد الأخ أن لا يذكر شيء أبدًا مما جاء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي صفة الحجِّ؟!.
...
ثم قال الأستاذ: ولو أراد الحجيج كلُّهم أن يأخذوا بدعوة هؤلاء الخُطباء لدُقَّت الأعناق... إلخ.
أقول: لو تمسَّك النَّاس بحجِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجدوا فيه الخَير والبركة والهدوء، والرَّاحة التَّامة؛ فهذا الحجيج ينصرفون من عرفات إلى مزدلفة دفعة واحدة، وما دُقَّت الأعناق، ولا كُسِّرت الرواحل، ولا تعطَّلت الحركة، وما حصل إلا الخير. ثُمَّ هم ينفرون من مِنَى دفعة واحدة إلى مكة، ولا يبقى إلا القليل على كثرتهم.
وهؤلاء الخطباء لم يأتوا بشيء من عنديَّاتهم، أو استحساناتهم، حتى نترك أقوالهم، أو يمنعون من صيغ الخطب، الَّتِي يلقونها، وهي إيراد صفة حجِّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كما تفضلتم بذلك.
وبعد أن فُرض الحجُّ، أمر الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أن يُنادى فِي الناس، بأنَّه سيحجُّ هَذَا العام، ليقتدوا بأفعاله، وليعلمهم طريقة أداء المناسك، فهل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أراد من هَذَا العمل، ومن قوله صلى الله عليه وسلم "خذوا عني مناسككم" تكليف أُمَّته والشقِّ عليهم؟! لا والله. ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾[التوبة: 128]. وإذا لم نَتَّبع هدي الرَّسُول ونقتدي به، فمن نتَّبع؟ وكيف نُعَلِّم الجاهل، إذا كان حجُّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فيه تكليف؟!
ثم قال الأخ صالح: ولولا رحمة الله الَّتِي تمثَّلت فِي اختلاف المذاهب الأربعة لكان الحجُّ عملية جدَّ شاقَّة.
أقول: أصحاب المذاهب الأربعة لم يقصدوا مخالفة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لغرض التوسعة على الناس، وليست أقوالهم شرعًا يُتبع إذا خالفت النَّصَّ، بل كلٌّ منهم يتحرى ما أمر به الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أو فعله، أو أقرَّه، لا أنهم يأتون بأحكام جديدة لم تستند على دليل!
وهذا الاختلاف إنما نشأ عن حُسن نيَّة وتطلُّب للحقِّ، وإلا فكلُّهم مُجْمِعون على أنَّ أي قول يقولونه مخالف لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يُضرب به عرض الحائط، قال هَذَا المعنى أبو حنيفة، ومالك، والشافعي وأحمد.



tgoop.com/MAISON88/50830
Create:
Last Update:

الطريق إلى الحجة المبرورة (10)
الأمر ليس بجديد
من توفيق الله أنِّي وقفت على مقالٍ كتبه الشَّيخ عبدالله بن حميد رحمه الله عام 1385ه، يردُّ فيه على مقال كُتب فِي صحيفة سعوديَّة يزعم فيه كاتب المقال أنَّ موافقة خُطَّة سير النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الحجِّ هي من التَّعسير على الحُجَّاج. وقد أوردت غالب الردِّ فِي المسائل الَّتِي نحتاج إليها فِي هَذِهِ الرسالة:
قال الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد: تعقيب وتنبيه حول مقال [الحجُّ بين التَّعسير والتَّيسير]
نشرت جريدة البلاد بعدديها الصادرين فِي 6 محرم، وفي 12 منه، سنة 1385ه، كلمتين للأستاذين الفاضلين: صالح محمد جمال، وأخيه أحمد محمد جمال؛ ومع شكري لهما وتقديري لمواقفهما الإسلاميَّة، بارك الله فيهما، وفي علومهما، غير أنَّه لابدَّ من إيضاح ما ورد من الخطأ فِي كلمتيهما.
قال الأخ الفاضل صالح فِي كلمته بعنوان: "الحجُّ بين التَّعسير والتَّيسير": ذكَّرني هَذَا الاقتراح، بما يعمد إليه خطباء المساجد عندنا، فِي كل عام فِي موسم الحجِّ، من إيراد صفة حجِّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وحث الحُجَّاج أن يحجُّوا كما حجَّ تمامًا... إلخ.
أقول: ناهيك بهذا شرفًا وفضلاً، من أنَّ المسلمين يحجُّون كما حجَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وأنَّ فيهم من يأمر بذلك، ويحثُّ عليه، ويُرغِّب فيه؛ فإنَّ الله أمرنا باتِّباعه، والتمسُّك بهديه. فقال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: 21]، وقال: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُول فَخُذُوهُ﴾ [الحشر: 7]، فهل يجوز لنا أن نُغيِّر فِي شرع الله ودينه؟ وفي صفة الحجِّ وهيئته؟ بحجَّة الفروق الزمنيَّة، واختلاف الوسائل العصريَّة؟! فيختصُّ الشَّرع فِي أناس كانوا فبانوا؟!.
لا أظنُّ أنَّ أحدًا من المسلمين يقول بهذا، أو يعيب على من حثَّ بالاقتداء بالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي الحجِّ، أو الصَّلاة، أو الزَّكاة، والصوم، وغيرها من شرائع الإسلام، فقد قال عبد الله بن مسعود: "اتَّبِعُوا وَلَا تَبْتَدِعُوا، فَقَدْ كُفِيتُمْ"، وقال: "إِنَّكُمُ الْيَوْمَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَإِنَّكُمْ سَتُحْدِثُونَ وَيُحْدَثُ لَكُمْ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مُحْدَثَةٍ فَعَلَيْكُمْ بِالْهَدْيِ الْأَوَّلِ".
مع أنَّ الحثَّ هو الحضُّ، والتَّرغيب وليس الإلزام والإيجاب، فهل يريد الأخ أن لا يذكر شيء أبدًا مما جاء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي صفة الحجِّ؟!.
...
ثم قال الأستاذ: ولو أراد الحجيج كلُّهم أن يأخذوا بدعوة هؤلاء الخُطباء لدُقَّت الأعناق... إلخ.
أقول: لو تمسَّك النَّاس بحجِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجدوا فيه الخَير والبركة والهدوء، والرَّاحة التَّامة؛ فهذا الحجيج ينصرفون من عرفات إلى مزدلفة دفعة واحدة، وما دُقَّت الأعناق، ولا كُسِّرت الرواحل، ولا تعطَّلت الحركة، وما حصل إلا الخير. ثُمَّ هم ينفرون من مِنَى دفعة واحدة إلى مكة، ولا يبقى إلا القليل على كثرتهم.
وهؤلاء الخطباء لم يأتوا بشيء من عنديَّاتهم، أو استحساناتهم، حتى نترك أقوالهم، أو يمنعون من صيغ الخطب، الَّتِي يلقونها، وهي إيراد صفة حجِّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كما تفضلتم بذلك.
وبعد أن فُرض الحجُّ، أمر الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أن يُنادى فِي الناس، بأنَّه سيحجُّ هَذَا العام، ليقتدوا بأفعاله، وليعلمهم طريقة أداء المناسك، فهل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أراد من هَذَا العمل، ومن قوله صلى الله عليه وسلم "خذوا عني مناسككم" تكليف أُمَّته والشقِّ عليهم؟! لا والله. ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾[التوبة: 128]. وإذا لم نَتَّبع هدي الرَّسُول ونقتدي به، فمن نتَّبع؟ وكيف نُعَلِّم الجاهل، إذا كان حجُّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فيه تكليف؟!
ثم قال الأخ صالح: ولولا رحمة الله الَّتِي تمثَّلت فِي اختلاف المذاهب الأربعة لكان الحجُّ عملية جدَّ شاقَّة.
أقول: أصحاب المذاهب الأربعة لم يقصدوا مخالفة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لغرض التوسعة على الناس، وليست أقوالهم شرعًا يُتبع إذا خالفت النَّصَّ، بل كلٌّ منهم يتحرى ما أمر به الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أو فعله، أو أقرَّه، لا أنهم يأتون بأحكام جديدة لم تستند على دليل!
وهذا الاختلاف إنما نشأ عن حُسن نيَّة وتطلُّب للحقِّ، وإلا فكلُّهم مُجْمِعون على أنَّ أي قول يقولونه مخالف لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يُضرب به عرض الحائط، قال هَذَا المعنى أبو حنيفة، ومالك، والشافعي وأحمد.

BY كن جميلا ترى الوجود جميلا


Share with your friend now:
tgoop.com/MAISON88/50830

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

The public channel had more than 109,000 subscribers, Judge Hui said. Ng had the power to remove or amend the messages in the channel, but he “allowed them to exist.” “Hey degen, are you stressed? Just let it all out,” he wrote, along with a link to join the group. On June 7, Perekopsky met with Brazilian President Jair Bolsonaro, an avid user of the platform. According to the firm's VP, the main subject of the meeting was "freedom of expression." best-secure-messaging-apps-shutterstock-1892950018.jpg Select: Settings – Manage Channel – Administrators – Add administrator. From your list of subscribers, select the correct user. A new window will appear on the screen. Check the rights you’re willing to give to your administrator.
from us


Telegram كن جميلا ترى الوجود جميلا
FROM American