JAMILALKAML Telegram 1305
فاقتتلوا ساعة من النهار حملةً و حملةً ، فلما انجلت الغبرة و إذا بخمسين من أصحاب الحسين صرعى ، فعند ذلك ضرب الحسين بيده على لحيته الكريمة و قال : " اشتدّ غضبُ الله على اليهود إذ جعلوا له ولدا ، و اشتدّ غضبه على النصارى إذ جعلوه ثالث ثلاثة ، و اشتدّ غضبه على المجوس إذ عبدوا الشمس و القمر ، و اشتدّ غضبه على قوم اتّفقت كلمتهم على قتل ابن بنت نبيهم ، أما والله لا أجيبهم إلى شيء ممّا يريدون حتى ألقى الله وأنا مخضّب بدمي " .
ثم جعل أصحاب الحسين يبرزون واحداً بعد واحد ، وكل من أراد منهم الخروج ودّع الحسين و قال السلام عليك يا أبا عبد الله ، فيجيبه الحسين : و عليك السلام و نحن خلفك ، ثم يتلو : ﴿ ... فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ 1 .
و لم يزالوا كذلك حتى دخل وقت الظهر ، فجاء أبو تمامة الصيداوي و قال : يا أبا عبد الله أنفسنا لنفسك الفداء ، هؤلاء اقتربوا منك ، لا والله لا تقتل حتى أقتل دونك ... و أحبّ أن ألقى الله عزّ وجلّ و قد صلّيت هذه الصلاة معك .
فرفع الحسين رأسه إلى السماء و قال : ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين ، نعم هذا أول وقتها .
ثم قال ( عليه السَّلام ) سلوا هؤلاء القوم أن يكفّوا عنّا حتى نصلّي ، فأذّن الحسين بنفسه ، و قيل : أمر مؤذّنه ليؤذّن ، ثم قال الحسين : ويلك يابن سعد أنسيت شرائع الإسلام ؟ اقصر عن الحرب حتى نصلّي و تصلّي بأصحابك ونعود إلى ما نحن عليه من الحرب ، فاستحى ابن سعد أن يجيبه ، فناداه الحصين ابن نمير ـ عليه اللعنة ـ قائلاً : صلّ يا حسين ما بدا لك فإن الله لا يقبل صلاتك .
فأجابه حبيب بن مظاهر : ثكلتك أمك ، ابن رسول الله صلاته لا تقبل و صلاتك تقبل يا خمّار ؟!
فقال الحسين لزهير بن القين و سعيد بن عبد الله : تقدّما أمامي حتى أصلّي الظهر . فتقدّما أمامه في نحو نصفٍ من أصحابه حتى صلّى بهم صلاة الخوف ، و سعيد تقدّم أمام الحسين فاستهدف لهم فجعلوا يرمونه بالنبال كلّما أخذ الحسين يميناً و شمالاً قام بين يديه فما زال يرمى إليه حتى سقط على الأرض و هو يقول : اللهم العنهم لعن عادٍ وثمود ، اللهم أبلغ نبيّك عني السلام ، و أبلغه ما لقيت من ألم الجراح فإنني أردت بذلك نصرة ذرّية نبيّك ثم مات رحمه الله .
و بعد ما قتل أصحاب الحسين رضوان الله عليهم فعند ذلك وصلت النوبة إلى بني هاشم ، و أول من قتل منهم علي بن الحسين الأكبر ، و كان من أصبح الناس وجهاً و أحسنهم خلقاً و خُلقاً ، فاستأذن أباه في القتال فنظر إليه الحسين نظر آيس منه ، و أرخى عينيه و بكى ، و رفع سبابتيه أو شيبته الشريفة نحو السماء و قال : " اللهم اشهد على هؤلاء القوم فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقاً و خُلقاً و منطقاً برسولك ، و كنّا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إلى وجه هذا الغلام ، اللهم امنعهم بركات الأرض و فرّقهم تفريقاً و مزّقهم تمزيقاً ، و اجعلهم طرائق قدداً و لا تغفر لهم أبداً ، و لا ترضي الولاة عنهم أحداً ، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلوننا " .
ثم برز بنو هاشم واحداً بعد واحد و قاتلوا الأعداء حتى استشهدوا جميعاً .
ثم نادى الحسين : هل من ذائب يذبّ عن حرم رسول الله ؟ هل من موحّدٍ يخاف الله فينا ؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا ؟
فارتفعت أصوات النساء بالبكاء و العويل ، فتقدّم إلى باب الخيمة و قال لزينب : ناوليني ولدي الرضيع لأودّعه .
فناولته ولده الرضيع فحمله نحو القوم و هو ينادي يا قوم قتلتم أنصاري و أولادي ، و ما بقي غير هذا الطفل ، إن لم ترحموني فارحموا هذا الطفل ، لقد جفّ اللبن في صدر أمّه .
فرماه حرملة بسهم فوقع في نحره فذبحه من الوريد إلى الوريد . فوضع الحسين كفّيه تحت نحر الطفل فلمّا امتلأتا دماً رمى به إلى السماء ، و قال : هوّن عليّ ما نزل بي أنه بعين الله ، اللهم لا يكونن طفلي هذا أهون عليك من فصيل ـ أي فصيل ناقة صالح ـ .
و لما قتل أصحابه و أهل بيته و لم يبق أحد عزم على لقاء الله ، فدعى ببردة رسول الله فالتحف بها فأفرغ عليها درعه ، و تقلّد سيفه و استوى على متن جواده .
ثم توجّه نحو القوم و قال : ويلكم على مَ تقاتلونني ؟ على حقٍّ تركته ؟ أم على شريعة بدّلتها ؟ أم على سنّة غيّرتها ؟ فقالوا : نقاتلك بغضاً منّا لأبيك و ما فعل بأشياخنا يوم بدر وحنين . فلما سمع كلامهم بكى ، و جعل يحمل عليهم و جعلوا ينهزمون من بين يديه كأنهم الجراد المنتشر ، ثم رجع إلى مركزه و هو يقول : لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .
فصاح عمر بن سعد : الويل لكم ! أتدرون لمن تقاتلون ؟ هذا ابن الأنزع البطين هذا ابن قتال العرب ، احملوا عليه من كل جانب .فحملوا عليه فحمل عليهم كالليث المغضب ، فجعل لا يلحق منهم أحداً إلا بعجهُ بالسيف فقتله ، حتى قتل منهم مقتلة عظيمة ، فحالوا بينه و بين رحله ، فصاح : ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين و كنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم ، و ارجعوا إلى أحسابكم إن
1



tgoop.com/JamilAlkaml/1305
Create:
Last Update:

فاقتتلوا ساعة من النهار حملةً و حملةً ، فلما انجلت الغبرة و إذا بخمسين من أصحاب الحسين صرعى ، فعند ذلك ضرب الحسين بيده على لحيته الكريمة و قال : " اشتدّ غضبُ الله على اليهود إذ جعلوا له ولدا ، و اشتدّ غضبه على النصارى إذ جعلوه ثالث ثلاثة ، و اشتدّ غضبه على المجوس إذ عبدوا الشمس و القمر ، و اشتدّ غضبه على قوم اتّفقت كلمتهم على قتل ابن بنت نبيهم ، أما والله لا أجيبهم إلى شيء ممّا يريدون حتى ألقى الله وأنا مخضّب بدمي " .
ثم جعل أصحاب الحسين يبرزون واحداً بعد واحد ، وكل من أراد منهم الخروج ودّع الحسين و قال السلام عليك يا أبا عبد الله ، فيجيبه الحسين : و عليك السلام و نحن خلفك ، ثم يتلو : ﴿ ... فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ 1 .
و لم يزالوا كذلك حتى دخل وقت الظهر ، فجاء أبو تمامة الصيداوي و قال : يا أبا عبد الله أنفسنا لنفسك الفداء ، هؤلاء اقتربوا منك ، لا والله لا تقتل حتى أقتل دونك ... و أحبّ أن ألقى الله عزّ وجلّ و قد صلّيت هذه الصلاة معك .
فرفع الحسين رأسه إلى السماء و قال : ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين ، نعم هذا أول وقتها .
ثم قال ( عليه السَّلام ) سلوا هؤلاء القوم أن يكفّوا عنّا حتى نصلّي ، فأذّن الحسين بنفسه ، و قيل : أمر مؤذّنه ليؤذّن ، ثم قال الحسين : ويلك يابن سعد أنسيت شرائع الإسلام ؟ اقصر عن الحرب حتى نصلّي و تصلّي بأصحابك ونعود إلى ما نحن عليه من الحرب ، فاستحى ابن سعد أن يجيبه ، فناداه الحصين ابن نمير ـ عليه اللعنة ـ قائلاً : صلّ يا حسين ما بدا لك فإن الله لا يقبل صلاتك .
فأجابه حبيب بن مظاهر : ثكلتك أمك ، ابن رسول الله صلاته لا تقبل و صلاتك تقبل يا خمّار ؟!
فقال الحسين لزهير بن القين و سعيد بن عبد الله : تقدّما أمامي حتى أصلّي الظهر . فتقدّما أمامه في نحو نصفٍ من أصحابه حتى صلّى بهم صلاة الخوف ، و سعيد تقدّم أمام الحسين فاستهدف لهم فجعلوا يرمونه بالنبال كلّما أخذ الحسين يميناً و شمالاً قام بين يديه فما زال يرمى إليه حتى سقط على الأرض و هو يقول : اللهم العنهم لعن عادٍ وثمود ، اللهم أبلغ نبيّك عني السلام ، و أبلغه ما لقيت من ألم الجراح فإنني أردت بذلك نصرة ذرّية نبيّك ثم مات رحمه الله .
و بعد ما قتل أصحاب الحسين رضوان الله عليهم فعند ذلك وصلت النوبة إلى بني هاشم ، و أول من قتل منهم علي بن الحسين الأكبر ، و كان من أصبح الناس وجهاً و أحسنهم خلقاً و خُلقاً ، فاستأذن أباه في القتال فنظر إليه الحسين نظر آيس منه ، و أرخى عينيه و بكى ، و رفع سبابتيه أو شيبته الشريفة نحو السماء و قال : " اللهم اشهد على هؤلاء القوم فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقاً و خُلقاً و منطقاً برسولك ، و كنّا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إلى وجه هذا الغلام ، اللهم امنعهم بركات الأرض و فرّقهم تفريقاً و مزّقهم تمزيقاً ، و اجعلهم طرائق قدداً و لا تغفر لهم أبداً ، و لا ترضي الولاة عنهم أحداً ، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلوننا " .
ثم برز بنو هاشم واحداً بعد واحد و قاتلوا الأعداء حتى استشهدوا جميعاً .
ثم نادى الحسين : هل من ذائب يذبّ عن حرم رسول الله ؟ هل من موحّدٍ يخاف الله فينا ؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا ؟
فارتفعت أصوات النساء بالبكاء و العويل ، فتقدّم إلى باب الخيمة و قال لزينب : ناوليني ولدي الرضيع لأودّعه .
فناولته ولده الرضيع فحمله نحو القوم و هو ينادي يا قوم قتلتم أنصاري و أولادي ، و ما بقي غير هذا الطفل ، إن لم ترحموني فارحموا هذا الطفل ، لقد جفّ اللبن في صدر أمّه .
فرماه حرملة بسهم فوقع في نحره فذبحه من الوريد إلى الوريد . فوضع الحسين كفّيه تحت نحر الطفل فلمّا امتلأتا دماً رمى به إلى السماء ، و قال : هوّن عليّ ما نزل بي أنه بعين الله ، اللهم لا يكونن طفلي هذا أهون عليك من فصيل ـ أي فصيل ناقة صالح ـ .
و لما قتل أصحابه و أهل بيته و لم يبق أحد عزم على لقاء الله ، فدعى ببردة رسول الله فالتحف بها فأفرغ عليها درعه ، و تقلّد سيفه و استوى على متن جواده .
ثم توجّه نحو القوم و قال : ويلكم على مَ تقاتلونني ؟ على حقٍّ تركته ؟ أم على شريعة بدّلتها ؟ أم على سنّة غيّرتها ؟ فقالوا : نقاتلك بغضاً منّا لأبيك و ما فعل بأشياخنا يوم بدر وحنين . فلما سمع كلامهم بكى ، و جعل يحمل عليهم و جعلوا ينهزمون من بين يديه كأنهم الجراد المنتشر ، ثم رجع إلى مركزه و هو يقول : لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .
فصاح عمر بن سعد : الويل لكم ! أتدرون لمن تقاتلون ؟ هذا ابن الأنزع البطين هذا ابن قتال العرب ، احملوا عليه من كل جانب .فحملوا عليه فحمل عليهم كالليث المغضب ، فجعل لا يلحق منهم أحداً إلا بعجهُ بالسيف فقتله ، حتى قتل منهم مقتلة عظيمة ، فحالوا بينه و بين رحله ، فصاح : ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين و كنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم ، و ارجعوا إلى أحسابكم إن

BY الشاعر جميل الكامل


Share with your friend now:
tgoop.com/JamilAlkaml/1305

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Judge Hui described Ng as inciting others to “commit a massacre” with three posts teaching people to make “toxic chlorine gas bombs,” target police stations, police quarters and the city’s metro stations. This offence was “rather serious,” the court said. Hui said the messages, which included urging the disruption of airport operations, were attempts to incite followers to make use of poisonous, corrosive or flammable substances to vandalize police vehicles, and also called on others to make weapons to harm police. How to create a business channel on Telegram? (Tutorial) The group’s featured image is of a Pepe frog yelling, often referred to as the “REEEEEEE” meme. Pepe the Frog was created back in 2005 by Matt Furie and has since become an internet symbol for meme culture and “degen” culture. Hashtags
from us


Telegram الشاعر جميل الكامل
FROM American