EYADQUNAIBI Telegram 4448
المراسم المخزية في افتتاح أحد المجمعات التجارية في رام الله على ما فيها من قلّة ذوق ودم، حيث يُقتل الأطفال والأبرياء على مرمى حجرٍ منهم في القطاع ويعيش أهله حياة مؤلمة وظروفًا مأساوية في الخيام وبين الركام تحت القصف.. فهي تعكس أيضًا أزمة الأيديولوجية الوطنية المتجذّرة في شعوبنا العربية، ولن أفوّت فرصة بإذن الله للتدليل من الواقع على كارثية هذه الأيديولوجية التي يراها بعضنا أمرا سهلا يسيرا لا يحتاج إلى تغيير.

فكثير من المتابعين من خارج فلسطين نسبوا هذا الفعل في رام الله إلى "الفلسطينيين" ونسبه بعضهم إلى "أهل الضفّة"، وهنا خرجت مقولات تعميمية مثل: إذا كان الفلسطينيون يحتفلون ولا يبالون فلماذا تعيبون علينا الاستمتاع بمهرجان "موازين" في المغرب وأمثاله في جزيرة العرب وغيرها من المهرجانات التي تعزف أنغامها على وقع أنين الأطفال في الخيام والدماء السائلة بين الركام؟!

وهو سؤال حقير ولا وجاهة فيه، ومن يرى فيه وجاهة أسير للأيديولوجية الوطنية التي ترى "الفلسطيني" أولى بالتعاطف مع أهل غزة لأنه مثلهم، وحتى لو قيل: هو الأقرب جغرافيا فغير صحيح، فإذا كانت العبرة بالأقرب فإنّ مصر أقرب جغرافيا للقطاع، وإذا كانت العبرة بالأقدر على إنهاء الحرب فمصر أقدر بأضعاف مقارنةً بشعب صغير يعيش ممزّقًا في كنتونات الضفّة المحاصرة.

ونعود إلى مراسم الافتتاح المخزية في رام الله، فالله عزّ وجلّ يقول في كتابه: {كلّ نفسٍ بما كسبتْ رهينة}، ويقول تعالى: {ولا تزرُ وازرةٌ وزرَ أخرى}، والمقصد أنّ الذي احتفل ولم يبالِ بدماء المسلمين (وليس بدماء شعبه) هو الملوم، سواء كان في الضفّة أو في جزيرة العرب أو في مصر أو في المغرب أو في هونولولو! ومن احتفل وطبّل وزمّر ليس كل أهل الضفّة، فليُلَم هؤلاء الراقصون دون تعميم. ومن السفاهة تحويل الأمر إلى "نحن" و"أنتم"، أي إلى شعوب متخيّلة تحدّد الأقطارُ التي فرضها الاستعمار انتماءها ومسؤوليّاتها!

وقد سألني يومًا بعض الإخوة: لماذا تريدون التحفّظ على مظاهر الفرح العامة والانبساط للحياة الآن وقد كان السوريون يُذبحون طوال الثورة السورية ولم نرَ هذا التحفُّظ؟

قلت: كذلك كنت أفعل منذ عام 2011، وأنا أرى البراميل تنهال على أهلي المسلمين في سورية، والمذابح تحدث في سائر بلاد المسلمين. هذا التوجه المتحفّظ من الفرح والرقص والمبالغة في الاحتفال بأشياء دنيانا موقف قديم لا علاقة له بأنّ ما يحدث إنّما يحدث في قُطر معيّن "يخصّني".

فمن أراد لوم أحد على قلّة مبالاته بدماء المسلمين النازفة فليفعل دون إدخال اللوثات الوطنية الوضيعة، فهو بذلك يرسّخ الفُرقة والعصبية بين المسلمين من حيث يدري أو لا يدري!



tgoop.com/EyadQunaibi/4448
Create:
Last Update:

المراسم المخزية في افتتاح أحد المجمعات التجارية في رام الله على ما فيها من قلّة ذوق ودم، حيث يُقتل الأطفال والأبرياء على مرمى حجرٍ منهم في القطاع ويعيش أهله حياة مؤلمة وظروفًا مأساوية في الخيام وبين الركام تحت القصف.. فهي تعكس أيضًا أزمة الأيديولوجية الوطنية المتجذّرة في شعوبنا العربية، ولن أفوّت فرصة بإذن الله للتدليل من الواقع على كارثية هذه الأيديولوجية التي يراها بعضنا أمرا سهلا يسيرا لا يحتاج إلى تغيير.

فكثير من المتابعين من خارج فلسطين نسبوا هذا الفعل في رام الله إلى "الفلسطينيين" ونسبه بعضهم إلى "أهل الضفّة"، وهنا خرجت مقولات تعميمية مثل: إذا كان الفلسطينيون يحتفلون ولا يبالون فلماذا تعيبون علينا الاستمتاع بمهرجان "موازين" في المغرب وأمثاله في جزيرة العرب وغيرها من المهرجانات التي تعزف أنغامها على وقع أنين الأطفال في الخيام والدماء السائلة بين الركام؟!

وهو سؤال حقير ولا وجاهة فيه، ومن يرى فيه وجاهة أسير للأيديولوجية الوطنية التي ترى "الفلسطيني" أولى بالتعاطف مع أهل غزة لأنه مثلهم، وحتى لو قيل: هو الأقرب جغرافيا فغير صحيح، فإذا كانت العبرة بالأقرب فإنّ مصر أقرب جغرافيا للقطاع، وإذا كانت العبرة بالأقدر على إنهاء الحرب فمصر أقدر بأضعاف مقارنةً بشعب صغير يعيش ممزّقًا في كنتونات الضفّة المحاصرة.

ونعود إلى مراسم الافتتاح المخزية في رام الله، فالله عزّ وجلّ يقول في كتابه: {كلّ نفسٍ بما كسبتْ رهينة}، ويقول تعالى: {ولا تزرُ وازرةٌ وزرَ أخرى}، والمقصد أنّ الذي احتفل ولم يبالِ بدماء المسلمين (وليس بدماء شعبه) هو الملوم، سواء كان في الضفّة أو في جزيرة العرب أو في مصر أو في المغرب أو في هونولولو! ومن احتفل وطبّل وزمّر ليس كل أهل الضفّة، فليُلَم هؤلاء الراقصون دون تعميم. ومن السفاهة تحويل الأمر إلى "نحن" و"أنتم"، أي إلى شعوب متخيّلة تحدّد الأقطارُ التي فرضها الاستعمار انتماءها ومسؤوليّاتها!

وقد سألني يومًا بعض الإخوة: لماذا تريدون التحفّظ على مظاهر الفرح العامة والانبساط للحياة الآن وقد كان السوريون يُذبحون طوال الثورة السورية ولم نرَ هذا التحفُّظ؟

قلت: كذلك كنت أفعل منذ عام 2011، وأنا أرى البراميل تنهال على أهلي المسلمين في سورية، والمذابح تحدث في سائر بلاد المسلمين. هذا التوجه المتحفّظ من الفرح والرقص والمبالغة في الاحتفال بأشياء دنيانا موقف قديم لا علاقة له بأنّ ما يحدث إنّما يحدث في قُطر معيّن "يخصّني".

فمن أراد لوم أحد على قلّة مبالاته بدماء المسلمين النازفة فليفعل دون إدخال اللوثات الوطنية الوضيعة، فهو بذلك يرسّخ الفُرقة والعصبية بين المسلمين من حيث يدري أو لا يدري!

BY د. إياد قنيبي


Share with your friend now:
tgoop.com/EyadQunaibi/4448

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Judge Hui described Ng as inciting others to “commit a massacre” with three posts teaching people to make “toxic chlorine gas bombs,” target police stations, police quarters and the city’s metro stations. This offence was “rather serious,” the court said. Private channels are only accessible to subscribers and don’t appear in public searches. To join a private channel, you need to receive a link from the owner (administrator). A private channel is an excellent solution for companies and teams. You can also use this type of channel to write down personal notes, reflections, etc. By the way, you can make your private channel public at any moment. Joined by Telegram's representative in Brazil, Alan Campos, Perekopsky noted the platform was unable to cater to some of the TSE requests due to the company's operational setup. But Perekopsky added that these requests could be studied for future implementation. fire bomb molotov November 18 Dylan Hollingsworth yau ma tei Unlimited number of subscribers per channel
from us


Telegram د. إياد قنيبي
FROM American