tgoop.com/EyadQunaibi/4443
Last Update:
كلمة حق في ابتهال أبو سعد
استمعت للقاء ابتهال أبو سعد المنشور من يومين، والذي تجيب فيه عن أسئلة حول كيف استعدت لهذه اللحظة التي قالت فيها كلمة الحق عن ميكروسوفت. كلامها كان رائعاً بمعنى الكلمة ومليئاً بالدروس. وأجمل ما فيه هو قولها ما ترجمَتُه:
"كانت هناك مخاوف كثيرة بالإضافة إلى الخوف من فقدان وظيفتي: كالخوف من أن توضع عليّ علامة سوداء لبقية حياتي المهنية، ومن أن تحدث مشاكل في إقامتي... الكثير من المخاوف الدنيوية كانت موجودة و حاضرة في تفكيري..
لكن عندما تبيّن لي أن الشركة متواطئة، أصبح استغفاري كله بنية واحدة – وهنا دمعت عيناها – قالت: لم أُرِدْ أن ألقى الله يوم القيامة وأعترف أمامه بأي تواطؤ في هذه الإبادة.
و علمت أن بقائي في ميكروسوفت، بقائي صامتة في هذه الوظيفة المرموقة و المنصب المريح كان سيؤدي الى تلك النتيجة يوم الحساب.
وهذا الخوف الذي غمرني واستولى على قلبي، طغى على كل خوف آخر من وكالة إنفاذ قوانين الهجرة -يعني أن تأتي وتأخذها لترحلها إلى خارج أمريكا- أو أي مخاوف عملية أخرى".
ابتهال لم تكن موظفة عادية، بل خرجت لتكمل دراستها في جامعة هارفرد بمنحة أمريكية، وظهرت في مجلة FORBES المعروفة. وكنت تعلم أن موقفها لن يفقدها كل امتيازاتها فحسب، بل يتوقع لأهل الباطل أن يبقوا يطاردونها مدى الحياة. الخوف الذي طغى على هذا كله هو خوفها من ان تقف أمام الله عز وجل يوم القيامة فتعترف بشراكتها في الإبادة. وبتعبيرها قالت:
I just did not want to face Allah on the Day of Judgement and have to admit to any complicity in this genocide…That is the fear that was overwhelming for me.
كلام عظيم يحتاج الناس أن يتعلموا منه..نسأل الله أن يجزيها خيرا ويثبتها ويعظم أجرها ويعوضها خيرا مما فقدت.
طيب أثيرت نقطة أن ابتهال كانت شاركت في ورقة علمية عن "حقوق المتحولين"، وأنها كانت مشاركة في فعالية She Hacks Boston الليبرالية لدعم الذين يصفون نفسهم بأنهم nonbinary، يعني لا ذكور ولا إناث. وبالتالي قد تكون دوافعها في نصرة غزة دوافع إنسانوية حقوقية تشمل الحق والباطل على حد سواء.
في الواقع إخواني الورقة المشار إليها قديمة، وكذلك مشاركتها في الفعالية. وأحسب أن هذا كله لا يمثل شخصية الأخت الآن. ونسأل الله أن يوفقها لتصرح بذلك، فكثيرون ينظرون إليها بعين القدوة. وهي أهل لهذا التوضيح بإذن الله. فمقابلتها من أيام واضح فيها استحضار مخافة الله وابتغاء رضاه في موقفها الذي اتخذته فيما نحسبها. وقالت بوضوح في مقابلتها ما ترجمته:
"أي شيء تفعله لوجه الله فإن الله لن يخذلك. ونحن نعلم أن الله عز وجل يريدنا أن نقاتل في سبيل المظلومين وأن نكون صوتاً يعارض أي تورط في الإبادة في غزة. وجود هذه النية سيعطيك الطمأنينة ويعينك على أن تتحلى بالتوكل اللازم لتقوم بالفعل وتواجه مشاعر القلق واليأس وأن تفعل شيئاً وأنت مؤمن بأن الله سبحانه وتعالى معك".
وذكَرَتْ أن أكثر آية وحديث كانا في بالها وهي تستعد لهذا الموقف هو قول الله عز وجل:
(وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين)
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه).
كلامها مليء بمثل هذا الإجلال لله تعالى وحسن التوكل عليه والاستعانة به سبحانه. وأحسب أن هذا الإقبال والإيمان من ابتهال من هو من ثمراتكم الطيبة الكثيرة يا أهل غزة. كان لديها قلب حي لم تخبُ فيه جذوة الإيمان. فتحركت هذه الجذوة وأشعت نوراً بعدما رأت ابتهال ما رأته مما يتعرض له إخوانها وإخواتها في غزة.
- "لكن يعني أنت يا إياد لست معترضاً على عملها كمرأة مسلمة في هذه الأجواء بين الأجانب لو لم تكن الشركة متواطئة؟ وهل ترى من المناسب أن تظهر شابة في مقابلة مع رجل وتبث صوتاً وصورةً؟"
- يا إخواننا نحتاج أن نَفصل. كلامنا هو ثناء على موقف الأخت في قول الحق بدوافع إيمانية عظيمة وحسن توكل وإيثار للآخرة على الدنيا فيما نحسبها. فمش كل ما نتكلم عن موقف حق وصدق لمسلم تستجلب لنا الأمور الأخرى لديه، والتي تحتاج نقاشا منفصلا. ثم ندخل في جدال يشحن النفوس ويضيع الفائدة بدل أن تجتمع القلوب على ما نتفق عليه من خير.
- يسَعُنا أن نثني على هذا الخير الذي فيها بكل أريحية، وندعو إلى الاقتداء بها في هذا الخير، وأنا شخصياً تأثرت حينما استمعت مقابلتها وأعتبر أني تعلمتُ من أختنا الكريمة درساً بليغاً. وهذا لا يعني بالضرورة أن نعتبرها قدوة في كل شيء. ولا أنا قدوة في كل شيء ولا أنت. القدوة المطلقة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
BY د. إياد قنيبي
Share with your friend now:
tgoop.com/EyadQunaibi/4443