tgoop.com/Alsarem13/7996
Last Update:
3 ـ أن الزينة أمر مكتسب في البدن فهذا الذي يجوز إظهاره مما يظهر عند نزع الحجاب، أما البدن ذاته من البطن والظهر، فليس من الزينة لذا كانت تفاسير الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ للزينة التي تُبدى للمحارم على هذا، وليست البدن ذاته: فالزينة الواردة في الآية الكريمة: إما أن تكون ذات الزينة، أو تكون محل الزينة مجازا، لا تتعدى هذا، قال ذلك بعض المفسرين، وذات الزينة ومحلها لا يكون في البطن والظهر، بل خارج عنهما في الوجه والرقبة والأذن والساق فهذا المحل القابل للزينة.
4 ـ يجب أن يفرق بين النظر العارض والنظر الدائم فإن للكلية من الأحكام ما للجزئية: فمن أباح نظر المرأة إلى المرأة من العلماء فيما عدا ما بين السرة والركبة: لم يقصد على الدوام، إنما قصد النظر المؤقت، فلو حصل ورأت شيئا المرأة من المرأة من ظهرها أو بطنها عارضا لا دائما: فليس بمحرم، لكن كونها تديم النظر إليها كما في لباس بعض النساء اليوم في الحفلات والمناسبات، أو حتى في العمل، فهذا لا يقول به أحد البتة، وذلك لسببين:
الأول: أن الأصل الستر ليس التفسخ والتكشف والتبرج فكل امرأة مطلوب منها ستر بدنها، وأولى ما تستره ـ بعد العورة المغلظة ـ الظهر والبطن فكيف يمكن أن يقال: بأن تكون النساء كاشفات ظهورهن وبطونهن أمام محارمهن والنساء عموما على الدوام والاستمرار في كل الأوقات والأحوال، بحيث تكون خياطة ثياب النساء على هذه الصورة، هذا يخالف أعراف الناس الذي توارثته الأمة جيلا بعد جيل، وكذا مخالف للشرع؛ فهذا لازم القول بجواز نظر المرأة للمرأة لما بين السرة والركبة على الدوام.
الثاني: أن هذا مخالف لنص الآية التي كشف عن معناها ابن مسعود وابن عباس وعليه قول أئمة التفسير كابن جرير وغيره، وكذا هي روايات واردة عن أئمة المذاهب وتلامذتهم، فأحسن ما يفسر به قول الفقهاء: كون النظر لما عدا ما بين السرة والركية: للأمور العارضة لا الدائمة، وعلى هذا تجتمع الأقوال ويظهر بعضها بعضا، ولا نضرب أقوال العلماء ببعضها.
فكلام الفقهاء في جواز النظر فيما عدا ما بين السرة والركبة: مطلق غير مقيد، لم يفصلوا فيه، إنما ذكروه بكونه أحد أقسام النظر مختصرا، دون بيان وإيضاح وتقييد ونظر في المآلات والمفاسد المرتبة عليه، فيجب تقييده بما ذكر: من كونه في أحوال عارضة مؤقتة لا دائمة، لأنهم كانوا في زمن: الأصل والغالب فيه التستر والصيانة والعفة، لا التبرج والسفور، فيجب فهمه على وجهه الصحيح، وتقييده بحاله وزمانه دون تعديته لغيره من الأزمنة: لئلا يكون أداة لفساد النساء فيجب فهمه مقيدا لا مطلقا، للاختلاف الكبير بين الأزمنة والأحوال، لا سيما أن الفقهاء لم يذكروا من الأدلة إلا:" أو نسائهن" فهي عمدتهم في الاستدلال، وقد علمت ما قيل فيها من معنى.
5 ـ يجب أن يفرق أيضا بين النظر العارض، وبين النظر لشهوة أو النظر المصحوب بالإعجاب، الذي يجر لمفاسد كبيرة بين النساء: فالنظر مع الشهوة محرم في كل الأحوال، وقد اتفق العلماء على أنه متى كان نظر المرأة إلى المرأة لشهوة فهو محرم.(نهاية المطلب، العزيز شرح الوجيز، العناية شرح الهداية، أسنى المطالب).
6 ـ يجب أن يفرق بين اللباس وبين النظر: إذ لا تلازم بينهما فالمطلوب من المرأة اللباس السابغ الساتر في كل أوقاتها: تارة بالحجاب عند الأجانب، وتارة بلا حجاب عند المحارم والنساء، فلها أن تضع خمارها عند النساء فتنظر النساء إلى ما يستره الحجاب، لكن بقية اللباس ـ غير الحجاب ـ باق على الأصل؛ لأن المرأة عند زوجها تتخفف من اللباس، وعند محارمها وعند النساء تتخفف من الحجاب، لكن لا تتخفف من اللباس، ولا تتساهل فيه، فما ينظر إليه الزوج من زوجته غير ما ينظر إليه المحارم والنساء، وحتى المحارم يختلف ذلك بحسب القرب منها: فما تبديه عند والدها غير ما تبديه عند أخيها، وما تبديه عند أخيها غير ما تبديه عند ابن أخيها وابن أختها، وغير ما تبديه عند ابن زوجها، والنساء أيضا يختلف قدر التستر منهن: فما تبديه عند الأجنبيات غير ما تبديه عند والدتها أو أختها، وهكذا، مع الحفاظ على أصل التستر عند الجميع، قال ابن جزي: " إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ" الآية: المراد بالزينة هنا الباطنة، فلما ذكر في الآية قبلها ما أباح أن يراه غير ذوي المحرم من الزينة الظاهرة، وذكر في هذه ما أباح أن يراه الزوج وذوي المحارم من الزينة الباطنة، وبدأ بالبعولة وهم الأزواج لأن اطلاعهم يقع على أعظم من هذا، ثم ثنّى بذوي المحارم وسوّى بينهم في إبداء الزينة، ولكن مراتبهم تختلف بحسب القرب".(تفسير ابن جزي).
وقال ابن عطية:"وبدأ تعالى ب "البعولة" وهم الأزواج: لأن اطلاعهم يقع على أعظم من هذا، ثم ثنى به المحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة، ولكنهم تختلف مراتبهم في الحرمة بحسب ما في نفوس البشر، فلا مرية أن كشف الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ولد زوجها، وتختلف مراتب ما يبدي لهم: فيبدي للأب ما لا يجوز إبداؤه لولد الزوج، وقوله أَوْ نِسائِهِنَّ يعني جميع المؤمنات"(المحرر الوجيز). والله أعلم.
BY حراسة الفضيلة
Share with your friend now:
tgoop.com/Alsarem13/7996