ALGHAMDDIPROF2 Telegram 5805
في رحاب النبوة الخاتمة: حقيقة الوفاة وسمو الشهادة

ا.د.محمد طه حمدون السامرائي
🪔في رياض السيرة النبوية الغراء، حيث تتجلى شمائل الكمال، وتتألق أنوار الهداية، يبرز حدثٌ جللٌ، وموقفٌ عظيمٌ، هو انتقالُ سيدِ المرسلين، وخاتمِ النبيين، محمدٍ صلى الله عليه وسلم، إلى الرفيقِ الأعلى. هذا الحدثُ، وإن كان فاصلاً في تاريخ البشرية، ومحورياً في مسيرة الدعوة، إلا أنه قد أحاطت به بعضُ الرواياتِ التي تحتاجُ إلى تمحيصٍ وتدقيقٍ، ونظرٍ عميقٍ في أصولها وفروعها.
📍ففي خضمِّ السردِ التاريخي، وتلاطمِ أمواجِ الأقاويل، تبرزُ روايةٌ تتحدثُ عن وفاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم متأثراً بسمٍ، قُدِّمَ له في خيبرَ قبلَ سنينَ من رحيلِه.
💫 هذه الروايةُ، وإن شاعتْ في بعضِ الأوساطِ، وتناقلتها الألسنُ، إلا أنها تثيرُ من التساؤلاتِ ما يوجبُ الوقوفَ عندها، والنظرَ فيها بعينِ البصيرةِ، وميزانِ العلمِ، وروحِ الإنصافِ.
💡إن هذه المقالةَ، لا تبتغي إلا كشفَ الحقيقةِ، وإجلاءَ الغموضِ، ورفعَ اللبسِ عن مقامٍ نبويٍّ رفيعٍ، وعصمةٍ إلهيةٍ لا يطالها الشكُّ.
سنغوصُ في أعماقِ الرواياتِ، ونُحلِّلُ الأسانيدَ والمتونَ، ونُقارنُها بمحكمِ التنزيلِ، وصحيحِ السنةِ، ومقتضياتِ العقلِ، ومسلماتِ العلمِ الحديثِ.
🏹وسنُبيِّنُ، بحولِ اللهِ وقوتِه، أن ما شاعَ من أمرِ التسميمِ، لا يرتكزُ على أساسٍ متينٍ، ولا يستقيمُ مع جلالِ النبوةِ، وعظيمِ العصمةِ، وأن وفاةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم كانت وفاةً طبيعيةً، اختارها اللهُ له، لتكونَ خاتمةً لمسيرةٍ مباركةٍ، وشهادةً على كمالِ الرسالةِ، وتمامِ النعمةِ.
🎯فتعالوا بنا، في رحابِ هذا البحثِ، لنُجليَ الحقائقَ، ونُضيءَ الدروبَ، ونُرسخَ اليقينَ في قلوبِ المؤمنين، ونُعليَ من شأنِ النبوةِ، ونُصانَ حماها من كلِّ ما يُشوبُها أو يُدنِّسُها.
🕯️ضعف الأدلة النقلية: وهنُ السندِ وخللُ المتنِ
إنَّ دعوى وفاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مسموماً، وإنْ شاعتْ في بعضِ الألسنِ، وتناقلتها الرواياتُ، إلا أنها تستندُ إلى ركائزَ واهيةٍ، وأسانيدَ لا تصمدُ أمامَ النقدِ العلميِّ الرصينِ، ولا تستقيمُ مع منهجِ المحدثينَ الأجلاءِ.
فإذا ما دققنا النظرَ في الأحاديثِ التي تُتخذُ عُمدةً لهذه الدعوى، وجدنا فيها من العللِ ما يُسقطُها عن رتبةِ الاحتجاجِ، ويُخرجُها عن دائرةِ القبولِ في مثلِ هذه القضايا الجليلةِ التي تمسُّ مقامَ النبوةِ وعصمةَ الرسالةِ.
📌حديثُ عائشةَ في البخاري: تعليقٌ لا يرقى لليقينِ:
يُعدُّ حديثُ عائشةَ رضي الله عنها، الذي أخرجه الإمامُ البخاريُّ في صحيحهِ تعليقاً، هو العُمدةَ الكبرى لمن يذهبُ إلى نظريةِ التسميمِ. ومفادُه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ في مرضِ موتِه: “يا عائشةُ، ما أزالُ أجدُ ألمَ الطعامِ الذي أكلتُ بخيبرَ، فهذا أوانُ وجدتُّ انقطاعَ أبهري من ذلك السمِّ”.
🔦ولكنَّ هذا الحديثَ، على جلالةِ مصدرِه، إلا أنه لا يخلو من عللٍ قادحةٍ تُضعفُ الاستدلالَ به في هذا المقامِ الخطيرِ. فهو حديثٌ “معلّقٌ”، أي أن البخاريَّ لم يذكرْ سندَه كاملاً إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، بل قالَ: “وقال يونسُ، عن الزهريِّ: قال عروةُ: قالت عائشةُ…”. وهذا النوعُ من الأحاديثِ، وإن كان يُقبلُ في فضائلِ الأعمالِ أو الاستئناسِ، إلا أنه لا يُحتجُّ به في العقائدِ والأحكامِ التي تتطلبُ أقصى درجاتِ التثبتِ واليقينِ.
🌴 وقد أشارَ جهابذةُ العلمِ، ونقادُ الحديثِ، إلى جملةٍ من العللِ التي تُوهنُ هذا الحديثَ، وتُسقطُه عن مرتبةِ الاحتجاجِ، ومنها:
• تعارضُ الوصلِ والإرسالِ: فقد رُويَ هذا الحديثُ عن الزهريِّ تارةً موصولاً، وتارةً مرسلاً. وهذا الاختلافُ في الروايةِ، واضطرابُ السندِ، يُلقي بظلالِ الشكِّ على ضبطِ الحديثِ، ويُضعفُ من قوتِه الاحتجاجيةِ. فكيفَ يُبنى يقينٌ على روايةٍ مضطربةٍ، تتنازعُها صيغُ الوصلِ والإرسالِ؟
• تفردُ عنبسةَ بنِ خالدٍ: فمعَ أن عنبسةَ بنَ خالدٍ راوٍ صدوقٌ، إلا أن البخاريَّ لا يُخرجُ له منفرداً، وقد انفردَ بروايةِ هذا الحديثِ عن يونسَ. وهذا التفردُ، في مثلِ هذه القضيةِ الجليلةِ، يُثيرُ التساؤلَ، ويجعلُ الروايةَ محلَّ نظرٍ، ولا تُورثُ الاطمئنانَ الكافيَ للاعتمادِ عليها.
• تدليسُ الزهريِّ: فالإمامُ الزهريُّ، على جلالةِ قدرِه وعلمِه، كانَ من المدلسينَ. والمدلسُ إذا لم يُصرحْ بالسماعِ، فإن روايتَه لا تكونُ حجةً قاطعةً.
وقد قالَ الزهريُّ في هذه الروايةِ: “قال عروةُ”، ولم يُصرحْ بالسماعِ المباشرِ من عروةَ، مما يُدخلُ الروايةَ في دائرةِ التدليسِ، ويُضعفُ من قوتِها.
• الانقطاعُ بينَ عروةَ وعائشةَ: فالصيغةُ التي وردتْ بها الروايةُ (“قالت عائشةُ”) لا تدلُّ على السماعِ المباشرِ من السيدةِ عائشةَ رضي الله عنها، كما نبهَ على ذلكَ الإمامُ أحمدُ بنُ حنبلٍ وغيرُه من أئمةِ الحديثِ.



tgoop.com/Alghamddiprof2/5805
Create:
Last Update:

في رحاب النبوة الخاتمة: حقيقة الوفاة وسمو الشهادة

ا.د.محمد طه حمدون السامرائي
🪔في رياض السيرة النبوية الغراء، حيث تتجلى شمائل الكمال، وتتألق أنوار الهداية، يبرز حدثٌ جللٌ، وموقفٌ عظيمٌ، هو انتقالُ سيدِ المرسلين، وخاتمِ النبيين، محمدٍ صلى الله عليه وسلم، إلى الرفيقِ الأعلى. هذا الحدثُ، وإن كان فاصلاً في تاريخ البشرية، ومحورياً في مسيرة الدعوة، إلا أنه قد أحاطت به بعضُ الرواياتِ التي تحتاجُ إلى تمحيصٍ وتدقيقٍ، ونظرٍ عميقٍ في أصولها وفروعها.
📍ففي خضمِّ السردِ التاريخي، وتلاطمِ أمواجِ الأقاويل، تبرزُ روايةٌ تتحدثُ عن وفاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم متأثراً بسمٍ، قُدِّمَ له في خيبرَ قبلَ سنينَ من رحيلِه.
💫 هذه الروايةُ، وإن شاعتْ في بعضِ الأوساطِ، وتناقلتها الألسنُ، إلا أنها تثيرُ من التساؤلاتِ ما يوجبُ الوقوفَ عندها، والنظرَ فيها بعينِ البصيرةِ، وميزانِ العلمِ، وروحِ الإنصافِ.
💡إن هذه المقالةَ، لا تبتغي إلا كشفَ الحقيقةِ، وإجلاءَ الغموضِ، ورفعَ اللبسِ عن مقامٍ نبويٍّ رفيعٍ، وعصمةٍ إلهيةٍ لا يطالها الشكُّ.
سنغوصُ في أعماقِ الرواياتِ، ونُحلِّلُ الأسانيدَ والمتونَ، ونُقارنُها بمحكمِ التنزيلِ، وصحيحِ السنةِ، ومقتضياتِ العقلِ، ومسلماتِ العلمِ الحديثِ.
🏹وسنُبيِّنُ، بحولِ اللهِ وقوتِه، أن ما شاعَ من أمرِ التسميمِ، لا يرتكزُ على أساسٍ متينٍ، ولا يستقيمُ مع جلالِ النبوةِ، وعظيمِ العصمةِ، وأن وفاةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم كانت وفاةً طبيعيةً، اختارها اللهُ له، لتكونَ خاتمةً لمسيرةٍ مباركةٍ، وشهادةً على كمالِ الرسالةِ، وتمامِ النعمةِ.
🎯فتعالوا بنا، في رحابِ هذا البحثِ، لنُجليَ الحقائقَ، ونُضيءَ الدروبَ، ونُرسخَ اليقينَ في قلوبِ المؤمنين، ونُعليَ من شأنِ النبوةِ، ونُصانَ حماها من كلِّ ما يُشوبُها أو يُدنِّسُها.
🕯️ضعف الأدلة النقلية: وهنُ السندِ وخللُ المتنِ
إنَّ دعوى وفاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مسموماً، وإنْ شاعتْ في بعضِ الألسنِ، وتناقلتها الرواياتُ، إلا أنها تستندُ إلى ركائزَ واهيةٍ، وأسانيدَ لا تصمدُ أمامَ النقدِ العلميِّ الرصينِ، ولا تستقيمُ مع منهجِ المحدثينَ الأجلاءِ.
فإذا ما دققنا النظرَ في الأحاديثِ التي تُتخذُ عُمدةً لهذه الدعوى، وجدنا فيها من العللِ ما يُسقطُها عن رتبةِ الاحتجاجِ، ويُخرجُها عن دائرةِ القبولِ في مثلِ هذه القضايا الجليلةِ التي تمسُّ مقامَ النبوةِ وعصمةَ الرسالةِ.
📌حديثُ عائشةَ في البخاري: تعليقٌ لا يرقى لليقينِ:
يُعدُّ حديثُ عائشةَ رضي الله عنها، الذي أخرجه الإمامُ البخاريُّ في صحيحهِ تعليقاً، هو العُمدةَ الكبرى لمن يذهبُ إلى نظريةِ التسميمِ. ومفادُه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ في مرضِ موتِه: “يا عائشةُ، ما أزالُ أجدُ ألمَ الطعامِ الذي أكلتُ بخيبرَ، فهذا أوانُ وجدتُّ انقطاعَ أبهري من ذلك السمِّ”.
🔦ولكنَّ هذا الحديثَ، على جلالةِ مصدرِه، إلا أنه لا يخلو من عللٍ قادحةٍ تُضعفُ الاستدلالَ به في هذا المقامِ الخطيرِ. فهو حديثٌ “معلّقٌ”، أي أن البخاريَّ لم يذكرْ سندَه كاملاً إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، بل قالَ: “وقال يونسُ، عن الزهريِّ: قال عروةُ: قالت عائشةُ…”. وهذا النوعُ من الأحاديثِ، وإن كان يُقبلُ في فضائلِ الأعمالِ أو الاستئناسِ، إلا أنه لا يُحتجُّ به في العقائدِ والأحكامِ التي تتطلبُ أقصى درجاتِ التثبتِ واليقينِ.
🌴 وقد أشارَ جهابذةُ العلمِ، ونقادُ الحديثِ، إلى جملةٍ من العللِ التي تُوهنُ هذا الحديثَ، وتُسقطُه عن مرتبةِ الاحتجاجِ، ومنها:
• تعارضُ الوصلِ والإرسالِ: فقد رُويَ هذا الحديثُ عن الزهريِّ تارةً موصولاً، وتارةً مرسلاً. وهذا الاختلافُ في الروايةِ، واضطرابُ السندِ، يُلقي بظلالِ الشكِّ على ضبطِ الحديثِ، ويُضعفُ من قوتِه الاحتجاجيةِ. فكيفَ يُبنى يقينٌ على روايةٍ مضطربةٍ، تتنازعُها صيغُ الوصلِ والإرسالِ؟
• تفردُ عنبسةَ بنِ خالدٍ: فمعَ أن عنبسةَ بنَ خالدٍ راوٍ صدوقٌ، إلا أن البخاريَّ لا يُخرجُ له منفرداً، وقد انفردَ بروايةِ هذا الحديثِ عن يونسَ. وهذا التفردُ، في مثلِ هذه القضيةِ الجليلةِ، يُثيرُ التساؤلَ، ويجعلُ الروايةَ محلَّ نظرٍ، ولا تُورثُ الاطمئنانَ الكافيَ للاعتمادِ عليها.
• تدليسُ الزهريِّ: فالإمامُ الزهريُّ، على جلالةِ قدرِه وعلمِه، كانَ من المدلسينَ. والمدلسُ إذا لم يُصرحْ بالسماعِ، فإن روايتَه لا تكونُ حجةً قاطعةً.
وقد قالَ الزهريُّ في هذه الروايةِ: “قال عروةُ”، ولم يُصرحْ بالسماعِ المباشرِ من عروةَ، مما يُدخلُ الروايةَ في دائرةِ التدليسِ، ويُضعفُ من قوتِها.
• الانقطاعُ بينَ عروةَ وعائشةَ: فالصيغةُ التي وردتْ بها الروايةُ (“قالت عائشةُ”) لا تدلُّ على السماعِ المباشرِ من السيدةِ عائشةَ رضي الله عنها، كما نبهَ على ذلكَ الإمامُ أحمدُ بنُ حنبلٍ وغيرُه من أئمةِ الحديثِ.

BY قناة حركة التاريخ


Share with your friend now:
tgoop.com/Alghamddiprof2/5805

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

The group’s featured image is of a Pepe frog yelling, often referred to as the “REEEEEEE” meme. Pepe the Frog was created back in 2005 by Matt Furie and has since become an internet symbol for meme culture and “degen” culture. Telegram channels enable users to broadcast messages to multiple users simultaneously. Like on social media, users need to subscribe to your channel to get access to your content published by one or more administrators. 6How to manage your Telegram channel? Just at this time, Bitcoin and the broader crypto market have dropped to new 2022 lows. The Bitcoin price has tanked 10 percent dropping to $20,000. On the other hand, the altcoin space is witnessing even more brutal correction. Bitcoin has dropped nearly 60 percent year-to-date and more than 70 percent since its all-time high in November 2021. Users are more open to new information on workdays rather than weekends.
from us


Telegram قناة حركة التاريخ
FROM American