tgoop.com/Alghamddiprof2/5714
Last Update:
وبقيت كذلك أياما ثم سالت سيلانا إلى وادي أجيلين تنحدر مع الوادي إلى الشظا، حتى لحق سيلانها بالبحرة بحرة الحاج، والحجارة معها تتحرك وتسير حتى كادت تقارب حرة العريض.
ثم سكنت ووقفت أياما، ثم عادت ترمي بحجارة خلفها وأمامها، حتى بنت لها جبلين وما بقي يخرج منها من بين الجبلين لسان لها أياما، ثم إنها عظمت وسناءها إلى الآن، وهي تتقد كأعظم ما يكون، ولها كل يوم صوت عظيم في آخر الليل إلى ضحوة، ولها عجائب ما أقدر أن أشرحها لك على الكمال، وإنما هذا طرف يكفي.
والشمس والقمر كأنهما منكسفان إلى الآن. وكتب هذا الكتاب ولها شهر وهي في مكانها ما تتقدم ولا تتأخر.
وقد قال فيها بعضهم أبياتا:
يا كاشف الضر صفحا عن جرائمنا ** لقد أحاطت بنا يا رب بأساء
نشكو إليك خطوبا لا نطيق لها ** حملا ونحن بها حقا أحقاء
زلازل تخشع الصم الصلاب لها ** وكيف يقوى على الزلزال شماء
أقام سبعا يرج الأرض فانصدعت ** عن منظر منه عين الشمس عشواء
بحر من النار تجري فوقه سفن ** من الهضاب لها في الأرض أرساء
كأنما فوقه الأجبال طافيةٌ ** موج عليه لفرط البهج وعثاء
ترمي لها شررا كالقصر طائشةً ** كأنها ديمةٌ تنصب هطلاء
تنشق منها قلوب الصخر إن زفرت ** رعبا وترعد مثل السعف أضواء
منها تكاثف في الجو الدخان إلى ** أن عادت الشمس منه وهي دهماء
قد أثرت سفعةً في البدر لفحتها ** فليلة التم بعد النور ليلاء
تحدث النيرات السبع ألسنها ** بما يلاقى بها تحت الثرى الماء
وقد أحاط لظاها بالبروج إلى ** أن كاد يلحقها بالأرض إهواءُ
فيالها آية من معجزات رسو ** ل الله يعقلها القوم الألباء
فباسمك الأعظم المكنون إن عظمت ** منا الذنوب وساء القلب أسواء
فاسمح وهب وتفضل وامح واعف وجد ** واصفح فكل لفرط الجهل خطاء
فقوم يونس لما آمنوا كشف الـ ** ـعذاب عنهم وعم القوم نعماء
ونحن أمة هذا المصطفى ولنا ** منه إلى عفوك المرجو دعاء
هذا الرسول الذي لولاه ما سلكت ** محجة في سبيل الله بيضاء
فارحم وصل على المختار ما خطبت ** على علا منبر الأوراق ورقاء
قلت: والحديث الوارد في أمر هذه النار مخرج في الصحيحين من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى» وهذا لفظ البخاري.
وقد وقع هذا في هذه السنة - أعني سنة أربع وخمسين وستمائة -كما ذكرنا، وقد أخبرني قاضي القضاة صدر الدين علي بن أبي القاسم التميمي الحنفي الحاكم بدمشق في بعض الأيام في المذاكرة، وجرى ذكر هذا الحديث وما كان من أمر هذه النار في هذه السنة فقال: سمعت رجلا من الأعراب يخبر والدي ببصرى في تلك الليالي أنهم رأوا أعناق الإبل في ضوء هذه النار التي ظهرت في أرض الحجاز.
قلت: وكان مولده في سنة ثنتين وأربعين وستمائة، وكان والده مدرسا للحنفية ببصرى وكذلك كان جده، وهو قد درس بها أيضا ثم انتقل إلى دمشق فدرس بالصادرية وبالمعدمية، ثم ولي قضاء القضاة الحنفية، وكان مشكور السيرة في الأحكام، وقد كان عمره حين وقعت هذه النار بالحجاز ثنتا عشرة سنة، ومثله ممن يضبط ما يسمع من الخبر أن الأعرابي أخبر والده في تلك الليالي، وصلوات الله وسلامه على نبيه سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
ومما نظمه بعض الشعراء في هذه النار الحجازية وغرق بغداد قوله:
سبحان من أصبحت مشيئته ** جارية في الورى بمقدار
اغرق بغداد بالمياه كما ** أحرق أرض الحجاز بالنار
قال أبو شامة: والصواب أن يقال:
في سنة أغرق العراق وقد ** أحرق أرض الحجاز بالنار
وقال ابن الساعي في تاريخ سنة أربع وخمسين وستمائة: في يوم الجمعة ثامن عشر رجب - يعني من هذه السنة - كنت جالسا بين يدي الوزير فورد عليه كتاب من مدينة الرسول ﷺ صحبة قاصد يعرف بقيماز العلوي الحسني المدني، فناوله الكتاب فقرأه وهو يتضمن أن مدينة الرسول ﷺ زلزلت يوم الثلاثاء ثاني جمادى الآخرة حتى ارتج القبر الشريف النبوي، وسمع صرير الحديد، وتحركت السلاسل، وظهرت نار على مسيرة أربع فراسخ من المدينة، وكانت ترمي بزبد كأنه رؤوس الجبال، ودامت خمسة عشر يوما.
قال القاصد: وجئت ولم تنقطع بعد، بل كانت على حالها، وسأله إلى أي الجهات ترمي؟ فقال: إلى جهة الشرق، واجتزت عليها أنا ونجابة اليمن ورمينا فيها سعفة فلم تحرقها، بل كانت تحرق الحجارة وتذيبها.
وأخرج قيماز المذكور شيئا من الصخر المحترق وهو كالفحم لونا وخفة.
قال وذكر في الكتاب وكان بخط قاضي المدينة أنهم لما زلزلوا دخلوا الحرم وكشفوا رؤوسهم واستغفروا وأن نائب المدينة أعتق جميع ممالكيه، وخرج من جميع المظالم، ولم يزالوا مستغفرين حتى سكنت الزلزلة، إلا أن النار التي ظهرت لم تنقطع.
BY قناة حركة التاريخ
Share with your friend now:
tgoop.com/Alghamddiprof2/5714