tgoop.com/Alghamddiprof2/5618
Last Update:
وفي نظرة سريعة، نكتشف أنّ ما يفعله حزب الله في لبنان مشابه لِما فعلته إيران في سوريا، حيث إنّ الحرب الاقتصادية الشرسة ستكون أشدّ فتكاً وقدرة على التطويع، من دون الحاجة إلى البارود والنار والبراميل المتفجّرة، فيما سيؤسّس إسقاط هويّة لبنان السياسية والاقتصادية والاجتماعية لقيام هويّة جديدة تختلف عن تلك التي عرفها لبنان على مدى مئة عام.
يكون عنوانها تفريغ المجتمع بكامله من النخب، وتفريغ البلد من مقوّمات صموده وجاذبيّته، من النظام التعليمي الآخذ في الانسحاق، بعدما سجّل أرقاماً قياسية على مستوى العالم برمّته، إلى النظام الاقتصادي والمالي الذي انسحق تماماً وصار خارج أيّ قدرة على المنافسة بعدما تصدّر المنطقة لعقود طويلة.
يكفي هنا، لتأكيد هذه القراءة، أن نلقي نظرة سريعة على الأدوار المركزية التي يمارسها حزب الله بهدف الوصول إلى الانهيار الكبير. وقد نبدأ من أبسط الأمور وأوضحها، وتحديداً من دوره العملي والمعنوي في عمليات التهريب المنظّم من لبنان، ولا سيّما المحروقات المدعومة، وقد عبّر أحد المقرّبين إليه بكل وضوح عن قدسيّة هذا التهريب لإنعاش النظام السوري الذي يتعرّض لحرب كونية على حدّ تعبيره، مروراً برفضه الضمني والعلني لأيّ تعاون مع صندوق النقد الدولي، وهو الجهة الوحيدة القادرة على انتشال لبنان قبل الارتطام الكبير، وصولاً إلى دوره الذكي والماكر في الاختباء خلف التناقضات السياسية الداخلية لمنع قيام أيّ حكومة تُنفِّذ بنود المبادرة الفرنسية، التي كانت كفيلة بإعادة مجمل الأمور إلى نصابها.
حزب الله يجلس الآن وينظر إلينا من بعيد. يرانا نتخبّط ونتصارع ونتذابح على عبوة حليب وعلبة دواء وليترات معدودة من البنزين. يرانا نودّع كلّ يوم كبار أساتذتنا ومهندسينا وأطبائنا وفلذات أكبادنا، ونحن مشغولون بالحصول على أبسط مقوّمات العيش الكريم، بعدما ساوت رواتبنا الأرض، وأخذتنا الأزمة نحو الذعر والقلق المستدام على مستقبلنا ومستقبل أولادنا، وبعدما صارت حياتنا وجهاً من أبشع وجوه الجحيم.
ينظر إلى هذا كلّه بارتياح، بعدما تبدّلت الأولويّات، وتحوّل النقاش العامّ من بناء دولة كاملة الأوصاف، لديها حصرية السلاح والحرب والسلم، إلى توفير الطعام والشراب والكهرباء والإنترنت وبنزين السيارات.
الآتي بلا شكّ أمرّ وأقسى وأعظم، في ظلّ غياب عربي شديد الوقع والمرارة، ولامبالاة دولية فاقعة، وانشغال سياسي داخلي بصغائر الأمور وتفاصيلها، من مقعد نيابي إضافي، إلى معزوفة الصلاحيّات والمواقع، فيما تذهب إيران نحو تفريغ البلد وجرفه واقتلاعه من جذوره، تمهيداً لإعادة تأسيسه على النحو الذي تريده وتشتهيه.
BY قناة حركة التاريخ
Share with your friend now:
tgoop.com/Alghamddiprof2/5618