ALGHAMDDIPROF2 Telegram 5334
جبيرة الجبس.
رأس تنورة ، في غرة رمضان ١٣٨١ هجرية.
كان علي صبياً في التاسعة من عمره وقد بعثته جدته (التي عاش في كنفها منذ نعومة أظفاره ) من قرية بني سعد للإقامة مع أبيه في راس تنورة بناءً على طلب الأب ، وكان أبوه مقيماً بها مع زوجته أم فوزي ، حيث يعمل مقاولاً معمارياً في رأس تنورة والدمام وأحواله المادية على أحسن ما يرام.
وكان يسكن في بيت مسلح مُستأجر من طابقين.
وفي أول يوم من رمضان كان الزمن شتاءً والسماء ملبدة بالغيوم وتمطر ، وأحضرت أم فوزي في غرفة الجلوس مكونات السمبوسة : - السمبوسة التي لم يعرفها علي ولم يسمع بها من قبل في قرية بني سعد - وبدأت أم فوزي في وضع المفروم مع الخضار داخل العجين وتطبقها على شكل مثلثات حتى إذا انتهت منها تذهب بها إلى المطبخ لتقليها. ولكن المشكلة التي واجهتها هي حركة طفلها فوزي ذو العشرة أشهر، فما ان تنتهي من عمل حبة سمبوسة حتى يهجم عليها ويقبض عليها ويتلفها ، لقد كان شقياً شأنه شأن أخيه علي الذي عُرِفَ بالشقاوة منذ صغره.
وهي تنادي يا علي تعال أمسك أخوك حتى أغلِّق شغلي ، والحقيقة أنها كانت في حاجة للمساعدة ، فهي تقوم بعمل المنزل بمفردها ورعاية طفلها الشقي فوزي الذي بدأ يزحف بقوة ويعبث بكل شيء تصل إليه يديه ، إضافةً إلى أنها كانت حاملاً في شهرها السابع بشقيقه سعيد ، ولكن علي كان مشغولاً بلعب الكرة ، فقد كانت غرفة الجلوس تفتح على سطح هو عبارة عن شقة من ثلاثة غرف ، لم يسقفها صاحب البيت أو يكملها. وكان علي يقذف بالكرة الصغيرة ( من كرات التنس الأرضي ) نحو السماء حتى تغيب عن نظره من شدة المطر والغيوم وإذا اقتربت مسكها وأعاد رميها مرة أخرى، وكان يوجد في السطح مكينة مفروم كبيرة مثبتة على قاعدة خشبية ( كانت مستخدمة في مطعم كان يملكه ابو علي في رأس تنورة.
قذف علي بالكرة جهة السماء وانطلق مسرعاً ليمسك الكرة ولم ينتبه لمكينة المفروم فعثر بها عثرة سيئة ووقع وقعة شديدة كأنه خرَّ من السماء واصطدمت يده اليمني بالمكينة وكُسِرت من الساعد من خلف الرسغ. وأحس بالآم مبرحة وظل يتلوى من الألم حتى اقترب المغرب ، وكان يخشى عقاب أبيه الصارم له ، فقد نهج أبوه معه اسلوباً تربوياً متشدداً ، فقد كان يريد من ابنه علي ان يتصرف ويسلك دائماً سلوك الرجال ، ويرفض منه بالمطلق أي سلوك طفولي أو تصرف صبياني.
وجاء ابوه من الدمام وقت المغرب وصحبه حموه سعيد المصعدة الذي كان له مبيعة ملابس في سوق شعبي في الدمام.
ومن حسن حظ علي مجيء سعيد المصعدة مع أبيه فهو الذي حماه من غضب أبيه وعقابه تلك الليلة بعد ان عرف تفاصيل القصة وقال له مستنكراً بالحرف الواحد : " تريد تزيد تضربه؟! ما تشوف يده راحت شربة؟؟؟ ".
لم يكن في رأس تنورة في ذلك الحين لا مستشفى ولا مستوصف ، فقد كان معظم سكان رأس تنورة من عمال شركة أرامكو الذين يتعالجون في مستشفى ارامكو الكبير في مدينة الظهران ، ولا يوجد الا عيادة خاصة لطبيب أطفال الماني كانت الأسرة تتعامل معه حين يمرض الطفل فوزي ، فيذهبون به إلى ذلك الطبيب الالماني الذي كان يعرف سرعة الحركة عند فوزي وشغفه باللعب باي شيء يمكنه الوصول إليه في العيادة ، وكان الطبيب يداعب فوزي بلغة عربية مكسرة " انتِ يا فوزي شيتانة كبيرة لازم ابرة تويلة ".
وصار لزاماً على أبي علي الانتظار حتى الصباح ليأخذ ابنه معه إلى الدمام حيث يوجد بها المستشفى الحكومي العام.
وكان أبو علي قد اشترى باصاً جديداً يتسع لنحو عشرين شخصاً وسلمه لأحد أصدقائه وهو سائق محترف يسمى عباس بن صالح الباشة كشريك مضارب ( اي يعمل في الباص حتى يسدد ثمن الباص ، ثم يصبح شريكاً لابي علي في الباص )، وكان يسكن بعائلته أيضاً في راس تنورة ويعمل بالباص لنقل الركاب بين مدن المنطقة الشرقية - راس تنورة ، الدمام ، القطيف الظهران ؛ الخبر ، الأحساء -
وفي الصباح جاء عباس بالباص وركب أبو علي وحموه سعيد المصعدة وابنه المكسورة يده. ودار عباس في بعض شوارع راس تنورة حيث ركب الباص بعض القاصدين مدينة الدمام.
وصل الباص الى امام مستشفى الدمام -الذي أصبح فيما بعد مستوصف العدامة بعد بناء المستشفى المركزي - ونزل أبو علي بإبنه ودخل به المستشفى وعرضه على الطبيب فحوّله على الأشعة لأخذ صورة لساعده الأيمن اتضح منها انه مصاب بكسر شديد ، وعمل له الطبيب جبيرة الجبس.
وظل مع والده طوال ذلك اليوم حيث تفقد سير العمل في البيوت التي كان يبنيها لبعض عُمال شركة أرامكو ، وكانت الشركة تتكفل بتمويل عملية البناء حسب نظام تمليك البيوت للعمال الذي كانت تطبقه الشركة في ذلك الحين.
وقبل حلول المساء عادا إلى راس تنورة مع عباس.
واستأنف علي الدراسة في مدرسته الابتدائية في رأس تنورة. وبعد مضي اسبوعين شعر بتحسن كبير في يده بعد ان كانت معلقة بشاش في رقبته خلال الايام السابقة.



tgoop.com/Alghamddiprof2/5334
Create:
Last Update:

جبيرة الجبس.
رأس تنورة ، في غرة رمضان ١٣٨١ هجرية.
كان علي صبياً في التاسعة من عمره وقد بعثته جدته (التي عاش في كنفها منذ نعومة أظفاره ) من قرية بني سعد للإقامة مع أبيه في راس تنورة بناءً على طلب الأب ، وكان أبوه مقيماً بها مع زوجته أم فوزي ، حيث يعمل مقاولاً معمارياً في رأس تنورة والدمام وأحواله المادية على أحسن ما يرام.
وكان يسكن في بيت مسلح مُستأجر من طابقين.
وفي أول يوم من رمضان كان الزمن شتاءً والسماء ملبدة بالغيوم وتمطر ، وأحضرت أم فوزي في غرفة الجلوس مكونات السمبوسة : - السمبوسة التي لم يعرفها علي ولم يسمع بها من قبل في قرية بني سعد - وبدأت أم فوزي في وضع المفروم مع الخضار داخل العجين وتطبقها على شكل مثلثات حتى إذا انتهت منها تذهب بها إلى المطبخ لتقليها. ولكن المشكلة التي واجهتها هي حركة طفلها فوزي ذو العشرة أشهر، فما ان تنتهي من عمل حبة سمبوسة حتى يهجم عليها ويقبض عليها ويتلفها ، لقد كان شقياً شأنه شأن أخيه علي الذي عُرِفَ بالشقاوة منذ صغره.
وهي تنادي يا علي تعال أمسك أخوك حتى أغلِّق شغلي ، والحقيقة أنها كانت في حاجة للمساعدة ، فهي تقوم بعمل المنزل بمفردها ورعاية طفلها الشقي فوزي الذي بدأ يزحف بقوة ويعبث بكل شيء تصل إليه يديه ، إضافةً إلى أنها كانت حاملاً في شهرها السابع بشقيقه سعيد ، ولكن علي كان مشغولاً بلعب الكرة ، فقد كانت غرفة الجلوس تفتح على سطح هو عبارة عن شقة من ثلاثة غرف ، لم يسقفها صاحب البيت أو يكملها. وكان علي يقذف بالكرة الصغيرة ( من كرات التنس الأرضي ) نحو السماء حتى تغيب عن نظره من شدة المطر والغيوم وإذا اقتربت مسكها وأعاد رميها مرة أخرى، وكان يوجد في السطح مكينة مفروم كبيرة مثبتة على قاعدة خشبية ( كانت مستخدمة في مطعم كان يملكه ابو علي في رأس تنورة.
قذف علي بالكرة جهة السماء وانطلق مسرعاً ليمسك الكرة ولم ينتبه لمكينة المفروم فعثر بها عثرة سيئة ووقع وقعة شديدة كأنه خرَّ من السماء واصطدمت يده اليمني بالمكينة وكُسِرت من الساعد من خلف الرسغ. وأحس بالآم مبرحة وظل يتلوى من الألم حتى اقترب المغرب ، وكان يخشى عقاب أبيه الصارم له ، فقد نهج أبوه معه اسلوباً تربوياً متشدداً ، فقد كان يريد من ابنه علي ان يتصرف ويسلك دائماً سلوك الرجال ، ويرفض منه بالمطلق أي سلوك طفولي أو تصرف صبياني.
وجاء ابوه من الدمام وقت المغرب وصحبه حموه سعيد المصعدة الذي كان له مبيعة ملابس في سوق شعبي في الدمام.
ومن حسن حظ علي مجيء سعيد المصعدة مع أبيه فهو الذي حماه من غضب أبيه وعقابه تلك الليلة بعد ان عرف تفاصيل القصة وقال له مستنكراً بالحرف الواحد : " تريد تزيد تضربه؟! ما تشوف يده راحت شربة؟؟؟ ".
لم يكن في رأس تنورة في ذلك الحين لا مستشفى ولا مستوصف ، فقد كان معظم سكان رأس تنورة من عمال شركة أرامكو الذين يتعالجون في مستشفى ارامكو الكبير في مدينة الظهران ، ولا يوجد الا عيادة خاصة لطبيب أطفال الماني كانت الأسرة تتعامل معه حين يمرض الطفل فوزي ، فيذهبون به إلى ذلك الطبيب الالماني الذي كان يعرف سرعة الحركة عند فوزي وشغفه باللعب باي شيء يمكنه الوصول إليه في العيادة ، وكان الطبيب يداعب فوزي بلغة عربية مكسرة " انتِ يا فوزي شيتانة كبيرة لازم ابرة تويلة ".
وصار لزاماً على أبي علي الانتظار حتى الصباح ليأخذ ابنه معه إلى الدمام حيث يوجد بها المستشفى الحكومي العام.
وكان أبو علي قد اشترى باصاً جديداً يتسع لنحو عشرين شخصاً وسلمه لأحد أصدقائه وهو سائق محترف يسمى عباس بن صالح الباشة كشريك مضارب ( اي يعمل في الباص حتى يسدد ثمن الباص ، ثم يصبح شريكاً لابي علي في الباص )، وكان يسكن بعائلته أيضاً في راس تنورة ويعمل بالباص لنقل الركاب بين مدن المنطقة الشرقية - راس تنورة ، الدمام ، القطيف الظهران ؛ الخبر ، الأحساء -
وفي الصباح جاء عباس بالباص وركب أبو علي وحموه سعيد المصعدة وابنه المكسورة يده. ودار عباس في بعض شوارع راس تنورة حيث ركب الباص بعض القاصدين مدينة الدمام.
وصل الباص الى امام مستشفى الدمام -الذي أصبح فيما بعد مستوصف العدامة بعد بناء المستشفى المركزي - ونزل أبو علي بإبنه ودخل به المستشفى وعرضه على الطبيب فحوّله على الأشعة لأخذ صورة لساعده الأيمن اتضح منها انه مصاب بكسر شديد ، وعمل له الطبيب جبيرة الجبس.
وظل مع والده طوال ذلك اليوم حيث تفقد سير العمل في البيوت التي كان يبنيها لبعض عُمال شركة أرامكو ، وكانت الشركة تتكفل بتمويل عملية البناء حسب نظام تمليك البيوت للعمال الذي كانت تطبقه الشركة في ذلك الحين.
وقبل حلول المساء عادا إلى راس تنورة مع عباس.
واستأنف علي الدراسة في مدرسته الابتدائية في رأس تنورة. وبعد مضي اسبوعين شعر بتحسن كبير في يده بعد ان كانت معلقة بشاش في رقبته خلال الايام السابقة.

BY قناة حركة التاريخ


Share with your friend now:
tgoop.com/Alghamddiprof2/5334

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

To view your bio, click the Menu icon and select “View channel info.” 5Telegram Channel avatar size/dimensions A Hong Kong protester with a petrol bomb. File photo: Dylan Hollingsworth/HKFP. With the “Bear Market Screaming Therapy Group,” we’ve now transcended language. The administrator of a telegram group, "Suck Channel," was sentenced to six years and six months in prison for seven counts of incitement yesterday.
from us


Telegram قناة حركة التاريخ
FROM American