tgoop.com/ALSoty1438AbdullahRafik/21777
Last Update:
نُريدُ ثُمَّ جَعَلنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصلاها مَذمومًا مَدحورًا وَمَن أَرادَ الآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعيَها وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعيُهُم مَشكورًا﴾، بينما ترى من يصلي ومن هو أكثر عبادة وطاعة في الغالب تراه أقل دنيا، فقد حُرِمَها هنا ليُؤتَى الخير كله هناك؛ لأن الله تبارك وتعالى لا يريد لعبده أن تكون الدنيا بين يديه فتفتنه وتغره وتضله وتنسيه الآخرة كما مر معنا في الآيات السابقة كقوله جل جلاله: ﴿وَإِن كُلُّ ذلِكَ لَمّا مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلمُتَّقينَ﴾، ﴿مَن كانَ يُريدُ الحَياةَ الدُّنيا وَزينَتَها نُوَفِّ إِلَيهِم أَعمالَهُم فيها وَهُم فيها لا يُبخَسونَ أُولئِكَ الَّذينَ لَيسَ لَهُم فِي الآخِرَةِ إِلَّا النّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعوا فيها وَباطِلٌ ما كانوا يَعمَلونَ﴾.
- فذلك العبد الذي اكتمل إيمانه يرى هذه الدنيا على حقيقتها، يراها على ذلك البساط الذي خلقها الله عليه، فلا يسعى لتعظيمها ولا لنيلها ولا لجمعها، وإنما يسعى للعبور عليها للآخرة لا الخلود فيها، فلا يفرح بما هو آتٍ، ولا يجزع بما هو فات: ﴿لِكَيلا تَحزَنوا عَلى ما فاتَكُم وَلا ما أَصابَكُم وَاللَّهُ خَبيرٌ بِما تَعمَلونَ﴾، ﴿ما أَصابَ مِن مُصيبَةٍ فِي الأَرضِ وَلا في أَنفُسِكُم إِلّا في كِتابٍ مِن قَبلِ أَن نَبرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسيرٌ﴾، فهذا هو المؤمن الذي استكمل الإيمان حق الاستكمال يعلم أن الدنيا إنما هي قليل أمام الآخرة، ولا تساوي شيئًا أبدًا: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا ما لَكُم إِذا قيلَ لَكُمُ انفِروا في سَبيلِ اللَّهِ اثّاقَلتُم إِلَى الأَرضِ أَرَضيتُم بِالحَياةِ الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا فِي الآخِرَةِ إِلّا قَليلٌ﴾.
- فالدنيا لا تساوي شيئًا بل هي هينة عنده جل وعلا "لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء"، وفي البخاري ومسلم: "وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها"، نعم وهو موضع سوط هكذا يقول النبي ﷺ كما في البخاري ومسلم، موضع السوط لا يساوي حتى مقدار متر، ولا تستطيع أن تضع فيه قدمك، وهو موضع سوط فقط فكيف بقصر في الجنة بصلاة 12 ركعة في اليوم والليلة.
- نعم أيها الكراة الدنيا هيِّنة وزائلة وليست بشيء عند الله جل جلاله، بل إذا كانت ركعتا الفجر التي لا تكلف شيئًا وليست الصلاة المفروضة بل السنة القبلية فقط خيرًا مما طلعت عليه الشمس، وخيرًا من الدنيا بما فيها، فكيف بعبادات شتى وصالحات كبرى يعملها العبد في الدنيا؟.
- فهل أدركنا حقيقة أن الدنيا خداعة وغرارة وظلومة لذلك المسلم الذي تفتنه وتضله وتدعوه إليها: ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ إِنَّ وَعدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَياةُ الدُّنيا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الغَرورُ﴾، ﴿اعلَموا أَنَّمَا الحَياةُ الدُّنيا لَعِبٌ وَلَهوٌ وَزينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَينَكُم وَتَكاثُرٌ فِي الأَموالِ وَالأَولادِ كَمَثَلِ غَيثٍ أَعجَبَ الكُفّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهيجُ فَتَراهُ مُصفَرًّا ثُمَّ يَكونُ حُطامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذابٌ شَديدٌ وَمَغفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضوانٌ وَمَا الحَياةُ الدُّنيا إِلّا مَتاعُ الغُرورِ﴾ ، فهي لهو ولعب وتسلية منسية، وكأنها عروس مزينة ببهرجها وجمالها، ثم تخدعه حتى إذا ما أتاها تركته، أو ذهبت عند غيره، ثم يودِّعها وتنتهي وتزول، ويَرِثها غيره من الناس، ويصبح رهين قبره ورهين عمله، ليس له من ماله ولا من بنائه ولا أبنائه ولا من ثروته ولا من أي شيء مما جمع في الدنيا إلا ذلك العمل الذي سيلاقيه في قبره.
- أما ذلك المؤمن فإن الدنيا التي يراها عند غيره هو على يقين أنها مأخوذة منه، وأن متاع غيره فيها إنما هو متاع قليل، وأن الآخرة فيها الخير كله فلذلك لا يبالي بها، ويرضا بما قسمه الله له، ولا يحقد أو يحسد أو يجمع من حلال وحرام أبدا، فشعاره فيها للتعامل معها: ﴿فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾، وتأملوا في هذه الألفاظ القرآنية: "فما متاع الحياة الدنيا بكلها"، ليست الحياة الدنيا التي أُوتيتها أنا فقط، أو هذه التي أُوتيها فلان وفلان، بل متاع الحياة الدنيا بكلها منذ أن خلقها الله إلى آخر رجل فيها، قليل جدًّا، فكم حظي أنا من هذا القليل؟ وكم حظك أنت من القليل؟ وكم حظ الناس جميعًا من هذا القليل؟ فهو قليل قليل جدًّا، قليل لا يساوي شيئًا أصلاً وفي الحديث الصحيح: "لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة ماء" والحديث رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني رحمه الله.
BY قناة فتاوى الشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
Share with your friend now:
tgoop.com/ALSoty1438AbdullahRafik/21777