tgoop.com/ALSoty1438AbdullahRafik/21320
Last Update:
في نعيم.
- فالسعيد كل السعادة هو من أعد لهذه السعادة، وأعد من هنا سعادةً توافقها، فيصبح في نعيمٍ في الدنيا بسعادةٍ مع ربه، ثم ينتقل في نعيمٍ آخر بدءًا من قبره، وانتهاءً بدخولٍ إلى جنة الرحمة، أما ذلك الشقي فهو في شقاءٍ في الدنيا، ثم ينتقل إلى شقاءٍ في القبر في العالم البرزخي، ثم ينتقل إلى شقاءٍ أعظم وأكبر وأجل في نار جهنم نعوذ بالله من ذلك.
- وهنا يقول تعالى: ﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾، وليس بالضرورة أن يكون الرسول هو نفسه الرسول المرسل من رب العالمين للبشر، بل هناك آياتٌ وهناك عِظاتٌ وهناك عِبرٌ وهناك زواجر في كل شيءٍ للإنسان، ولهذا جاء لفظ النذير كذلك وقال المفسرون هو الشيب: ﴿وَهُم يَصطَرِخونَ فيها رَبَّنا أَخرِجنا نَعمَل صالِحًا غَيرَ الَّذي كُنّا نَعمَلُ أَوَلَم نُعَمِّركُم ما يَتَذَكَّرُ فيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذيرُ فَذوقوا فَما لِلظّالِمينَ مِن نَصيرٍ﴾، وأيضًا ردَّ الله التذكر أولًا إلى النفس: ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾؟.
- أفلا يُبصر الإنسان في خلقه؟ ألا يرى ما هو فيه من أجهزةٍ منظمةٍ ومنتظمة ودقيقةٍ وغاية في الدقة والإحكام؟ ولو ذهب عليه شيءٌ منها لاحتاج إلى مبالغ طائلة حتى يحصل على بديلٍ لها، والكارثة لا يتذكر نعمة ربه إلا وقت زوالها منه، أفننتظر ذلك، ولو فقد إنسان بصره ثم عُرض عليه نعيم الدنيا بما فيها لاختار بصره ورفض النعيم كله، فمعنا من نعم الله ما يغنينا عن كل شيء، ولو فقدنا نعمة لبذلنا لاستردادها كل ما نملك، وظللنا في نغص من عيش نتردد من طبيب لطبيب، ومن مستشفى لآخر، ومن صيدلية لصيدلية!.
- حتى قيل لو احتاج إنسان إلى كليةٍ مثلًا، فإنه يحتاج إلى غرفةٍ متكاملة بديلة عن الغرفة الصغيرة -لو افترضناها كذلك- التي هي أقل من كف، والتي هي اسمها الكلية، هذه العملية الدقيقة والمعقدة والعظيمة تُكلِّف الإنسان آلاف الدولارات بل مئات الآلاف في العام الواحد، وإذا أراد أن ينتقل من شارعٍ لشارع، ومن بيتٍ لبيت، ومن سيارةٍ إلى سيارة، فيحتاج إلى أن ينقل هذه الغرفة الكاملة المتكاملة معه، وتخيلوا بشرًا يمشي ومعه غرفةٌ مجهزةٌ من أجل شيءٍ يسيرٍ ناقصٍ عليه وهو من أجل البديل عن الكلية!.
- لكن من يتذكّر عظمة ما هو موجود فيه، لعله أعظم وأكبر وأجلّ من مسألة الكلية، فما هو ذلك الإنسان المخلوق؟ ومن ذلك الذي يتكبر على الله؟ من ذلك الذي يستنكف عن عبادة الله؟ ومن ذلك الذي يُعرض عن الله عز وجل ولا يتذكر مسألة عودته إليه؟.
- ثم عند التذكر لمسألة العودة، لا بد من قرار توبة ومن قرارٍ يقتضيه الإقرار بالعودة، أما أن يكون الإقرار إبليسيًا بمسألة الإيمان برب العالمين سبحانه وتعالى، كقوله: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾، ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾، فهذه المسائل يُحسنها حتى إبليس، هو يعلم أن الله ربه، وهو يعلم أنه الخالق، وأنه الرازق، وأنه القادر، بل قد أقسم بما لم يقسم به كثيرٌ من الناس: ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾، فاستخدم القسم الرباني، وأعاده إلى الله، وطلب الخلود ممن يملكه لا من أحدٍ سواه سبحانه وتعالى، وقل عن أهل قريش ﴿وَلَئِن سَأَلتَهُم مَن خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ وَسَخَّرَ الشَّمسَ وَالقَمَرَ لَيَقولُنَّ اللَّهُ فَأَنّى يُؤفَكونَ﴾، ﴿وَلَئِن سَأَلتَهُم مَن خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ لَيَقولُنَّ خَلَقَهُنَّ العَزيزُ العَليمُ﴾، ﴿وَلَئِن سَأَلتَهُم مَن نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحيا بِهِ الأَرضَ مِن بَعدِ مَوتِها لَيَقولُنَّ اللَّهُ قُلِ الحَمدُ لِلَّهِ بَل أَكثَرُهُم لا يَعقِلونَ﴾.
- فهل ذلك المسلم يؤمن بعودةٍ ثم لا يُعدُّ عُدَّةً لعودته لرب العالمين عز وجل؟ فمعناه أنه سيعود إلى شديد العقاب، سيعود إلى من لديه النار، سيعود إلى المعاقب شديد البطش والانتقام والجبار، ويعود إلى من عنده الرحمة وعنده القوة والعظمة والقدرة، سيعود إلى ذلك سبحانه وتعالى: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾.
- وها نحن في بداية عامٍ هجريٍ جديد، عامٌ انقضى من أعمارنا، عامٌ نقص من حياتنا، عامٌ تولى من آجالنا، عام مخصومٌ على العبد مما هو مسموح له البقاء في هذه الدار، ولا ريب أن له مدة، وله وقت معلوم، وله أيام معدودة، فمن كان بقي له أن يبقى في الحياة ألف يوم مثلًا، فإنه قد نقص ما يقرب من ذلك في العام الماضي، وهكذا كل أحدٍ جاءه يومٌ فقد نقص من أيامه المحسوب عليه للبقاء في الدنيا.
BY قناة فتاوى الشيخ/عبدالله رفيق السوطي.
Share with your friend now:
tgoop.com/ALSoty1438AbdullahRafik/21320