tgoop.com/AHMADte0/363
Last Update:
إنّك تتعاهد جسدك كل حين لتزيل عنه الأذى الذي يخرج من جلدك ومن عينك ومن أنفك ومن سائر جسدك، وهو مع ذلك معرض للأمراض والهرم، ومآله للفناء.
فلو قيل لك: إذا استعملت جسدك فيما يرضي ربك أبدلك ربك عنه جسدًا لا يبلى ولا يخرج منه أيّ أذى، ولا يعتريه جوع ولا مرض ولا فناء: لَوافقت بلا تردد.
فكيف وقد وعدك ربك مع هذا:
أن تخلّد في جنةٍ ترابها الزعفران..
وطينها المسك الأذفر..
وحصباؤها اللؤلؤ والجوهر..
وبناؤها الذهب والفضة..
وفيها "ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر"..
وما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب..
وفيها شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها..
وموضع سوط من الجنة خير من الدنيا وما فيها..
وسقفها عرش الرحمن..
وبناؤها لَبِنَة من فضة ولبنة من ذهب..
وأنهارها من لبن لم يتغير طعمه، وخمر لذة للشاربين، وعسل مصفى..
وطعامهم فاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون..
وشرابهم التسنيم والزنجبيل والكافور..
وآنيتهم الذهب والفضة في صفاء القوارير..
والخيمة الواحدة من دُرَّةٍ مجوَّفة طولها ستون ميلًا من جملة الخيام..
وقصورهم: غرف من فوقها غرف مَبْنِية، تجري من تحتها الأنهار.
ولباسهم الحرير والذهب..
وفرشهم بطائنها من إستبرق مفروشة في أعلى الرُّتَب..
ووجوههم على صورة القمر..
وهم أبناءُ ثلاثة وثلاثين على صورة آدم أبي البشر..
وسماعهم: غناء أزواجهم من الحور العين، وأعلى منه سماع أصوات الملائكة والنَّبيين، وأعلى منهما سماع خطاب ربِّ العالمين..
ومراكبهم التي يتزاورون عليها: النجائب التي أنشأها اللَّه تعالى ممَّا شاءَ تسير بهم حيث شاؤوا من الجنان..
وحُليهم: أسَاوِر الذهب واللؤلؤ، على الرؤوس ملابس التِّيجان..
وخدمهم: ولدانٌ مخلدون كأنَّهم لؤلؤٌ مكنون..
وعرائهم وأزواجهم: الكواعب الأترابُ، الَّلاتي جرى في أغصانِهنَّ ماءُ الشباب..
وكيفَ يُقدَّر قدْر دارٍ غرسها اللَّه بيده، وجعلها مقرًّا لأحبابه، وملأها من كرامته ورحمته ورضوانه، ووصف نعيمها بالفوز العظيم، وملكها بالملك الكبير، وأودعها جميع الخير بحذافيره، وطهرها من كل عيب وآفة ونقص.
فهل هناك عاقل لا يشمّر للجنة، ويبذل لأجلها وقته وعمره وماله وهمّه وقلبه وسمعه وبصره؟
أخي وأختي: إياكم أن تغركم هذه الدار الفانية، وإياكم أن يخدعكم هذا الشيطان الذي أقسم أن يغوينا..
وما هي إلا أيام يسيرة ونغادر هذه الدار الحقيرة الصغيرة الفانية، فشمروا للجنة، وجدّوا واعملوا للدار الآخرة.
اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى من الجنة.
BY مكتبة أحمد بن ناصر الطيار
Share with your friend now:
tgoop.com/AHMADte0/363