Telegram Web
ينبغي للعرب أن يستعدوا لما هو قادم، مستفيدين من دروس الماضي وعبر الحاضر، فإن الإهمال في إدراك سنن الصراع وموازين القوى لا يؤدي إلا إلى أن يكونوا أول الخاسرين في كل مواجهة يرفع رايتها العدو الصهيوني أو من يتحالف معه من قوى الهيمنة.

إن معركتنا في جوهرها ليست مجرد صراع بالسلاح والعتاد، بل هي مواجهة وجودية تُخاض بعقيدة راسخة وإيمانٍ عميق، فديننا هو مصدر قوتنا، ومنه نستمد الثبات والعزم في وجه الطغيان
ليس هذا زمن الصمت، ولا موضعًا للعجز أو الكسل، ولا مقامًا للضعف والذل والهوان.
لقد آن للعرب أن ينهضوا صفًا واحدًا، وقلبًا واحدًا، يجمعهم الوعي والكرامة ونصرة الحق
لقد كانت التفرقات والانقسامات الحزبية من صُنع الطغاة، إذ استخدموها أداة لتمزيق الصف وتشتيت الأمة.

فمتى نزع الملك ، عادت الأمة إلى وحدتها على أصول الإسلام، أقوى وأصفى من ذي قبل وأكثر اجتماعًا وأقوى عزيمة ورشادًا !
تحوّلت الشعوب، في واقع مؤلم، إلى أدوات توجّهها أنظمة الطغيان نحو التكتلات الحزبية التي تخدم مصالحها وسلطانها، دون اعتبار للإسلام ومبادئه، أو لحق الأمة في الاختيار والولاء لما يخدم دينها وقيمها
أنظمة الطغيان ليست سوى أدوات بيد القوى الغربية، تنفّذ أجنداتها وتخدم مصالحها، ولو على حساب شعوبها ودينها وكرامتها
حديث لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد !
لماذا يخاف الطغاة من الشهيد سيد قطب ؟

سيد قطب لم يكن يهدد عروش الطغاة بالسلاح، بل بالفكرة. والفكرة الواعية المبدئية هي أعظم ما يُرعب الظالمين.

فيخاف الطغاة من سيد قطب لأنه وضع يده على الجرح الحقيقي للأمة: الاستبداد المتلبّس بثياب الإسلام، والجاهلية المعاصرة التي تحكم بغير ما أنزل الله. لم يكن مجرد كاتب أو منظر، بل كان صوتًا صادقًا ينادي بتحرير الإنسان من عبودية البشر إلى عبودية الله وحده.

أبرز أسباب خوفهم منه:
1. قوة الفكرة وبساطتها:
دعا سيد قطب إلى حاكمية الله لا حاكمية الطغاة، وإلى رفض أن تكون السيادة لغير الشريعة.

2. وضوح العدو:
لم يُجامل في توصيف الواقع، بل سماه جاهلية، ولم يخف من تسمية أنظمة القمع بأسمائها، مما جعل كلماته تُعدّ إعلان تمرّد فكري شامل.

3. التأثير العابر للزمن:
أفكاره ما زالت تُلهم أجيالًا من الصحوة الإسلامية، على الرغم من مرور عقود على استشهاده، وهو ما يجعلهم يرونه خطرًا حيًّا حتى وهو تحت التراب.

4. الثبات على المبدأ:
حين خُيّر بين الموت والتراجع عن فكرته، قال: “لماذا أسترحم؟ إن سبابًا موجّهًا من طفل في الشارع لجلاديَّ أحب إليّ من استرحام يُكتب باسمي!”، وهذا الثبات يزرع في الناس روح العزة والكرامة، وهو ما لا يطيقه المستبدون.

سيد قطب لم يُهزم، لأنه زرع فكرة، والأفكار لا تُعدَم، بل تولد من جديد في كل عقل حرّ!
لماذا يخاف الطغاة من سيد قطب؟

لأن سيد قطب لم يكن مجرد رجل أفكار، بل كان ثورة فكرية تنبض في وجه الطغيان والظلم. لم يخاف أن يسمّي الأشياء بمسمياتها، ففضح جهل الطغاة وتسلطهم على الشعوب باسم الدين، وفضح من يحكم بالهوى بدلا عن شرع الله.

أفكاره قنابل مدوية تهدم أعمدة الاستبداد:
• رفضه الاستسلام لواقع الجهل السياسي والديني جعل الطغاة يرتجفون من فكرة الشعب الواعي الحر، الذي لا يركع إلا لله.
• بث روح المقاومة في نفوس الناس، وأعطى لهم رؤية أن الحكم حق لله وحده، وأن كل من يخرج عن ذلك فهو طاغية وجاهل يجب مواجهته.
• عدم تهاونه في مبادئه، واستعداده للتضحية بحياته جعل منه رمزًا للثبات والإصرار، وهذا ما يخشاه الطغاة أكثر من السلاح.

الطغاة يخافون من سيد قطب لأنه يُعيد إلى الأمة عزتها، ويكشف زيف الحكم بغير ما أنزل الله، ويوقظ الشعوب من سباتها. وهو حق لا يموت، طالما بقي الإسلام فينا!
ما هي “عقيدة التوحيد” التي يرفعها الطغاة وتخدمها أدواتهم من “… و … ”؟

هي توحيد مفصول عن جوهر الإسلام الرسالي، ومحكوم بالولاء للسلطان، لا لله.
يُختزل فيها الدين كله في توحيد الألوهية والربوبية بمعناه العقدي المجرد، بينما تُفرّغ بقية أركان الدين، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد، والحكم بما أنزل الله، من مضامينها الحقيقية.

أبرز ملامح هذا “التوحيد السياسي”:
1. طاعة الحاكم مطلقة ولو ظلم وجار:
تُستخرج نصوص الطاعة في غير موضعها، وتُستغل لتثبيت الظلم، وتحريم الإنكار على السلطان، بل وتجريم الدعوة إلى التغيير أو الإصلاح، وكأن الطاغية رسول الله في الأرض لا يُسأل عمّا يفعل.
2. تحييد الشريعة عن الحياة العامة:
يتم اختزال الإسلام في بعض أبواب العقيدة والعبادات الفردية، بينما تُترك مجالات السياسة والاقتصاد والإعلام والتعليم للهوى أو القانون الوضعي، ويُمنع الحديث عن الشريعة كمنهاج حياة.
3. التشنيع على دعاة الإصلاح والجماعات الدعوية:
يصبّون جام غضبهم على العلماء والمصلحين، ويتّهمونهم بالحزبية والخروج، بينما يُثنون على الطغاة ويضفون عليهم هالة من التقديس.
4. تبنّي خطاب عدائي تجاه قضايا الأمة الكبرى:
مثل الجهاد المشروع، والدفاع عن المستضعفين، والنصرة لفلسطين، ويصفون ذلك بالإرهاب أو الفوضى.

خاتمة:
التوحيد الذي ينادي به الطغاة ليس توحيد الأنبياء، بل هو توحيد مُفرَّغ من جوهره، يُستخدم كأداة سياسية لتخدير الشعوب وتثبيت الطغيان. أما توحيد الأنبياء فهو تحرير للإنسان، وعدالة في الحكم، وولاء لله وحده لا لشخص أو نظام
الفرق بين “توحيد الأنبياء” و”توحيد الطغاة”
﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [ آل عمران: 26]
2025/06/26 11:02:21
Back to Top
HTML Embed Code: