Warning: Undefined array key 0 in /var/www/tgoop/function.php on line 65

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /var/www/tgoop/function.php on line 65
- Telegram Web
Telegram Web
Forwarded from مِشْكاةٌ•
دربٌ سلكناه والرّحمن غايتنا
ما مسّنا قطّ في لأواءه ندمُ..

-عصام العطّار رحمه الله.
اللهم إنا نجعلك في نحور اليهود، ونعوذ بك من شرورهم..
اللهم اكبتهم والعنهم وأخزهم والعنهم، ومزقهم كل ممزق، وشرّدهم كل مشرّد، وخالف بين قلوبهم، واجعل دائرة السوء عليهم..
واجعل اللهم لعبادك المستضعفين في غزة فرجاً ومخرجاً، وعافهم وسلمهم واجبرهم، وثبتهم وانصرهم وافتح عليهم..
الحمد لله رب العالمين.

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد.

اللهم ثَبِّت أقدام المجاهدين، وأخلص نياتهم، وسدد رميهم ورأيهم، واربط على قلوبهم، وتقبل منهم، ونَزِّل عليهم نصرك وتأييدك، وانتقم بهم من أعدائك.

اللهم أخز اليهود وأولياءهم، واكسر شوكتهم، وانقض عزمهم، وشتت شملهم، وفَرّق جمعهم، وانتقم منهم بما شئت وكيف شئت يا قوي يا عزيز.

اللهم فَرِّج عن المسلمين، واستر عوراتهم، وآمن روعاتهم، وأمدَّهم بمددك يا كريم يا لطيف.

حسبنا الله ونعم الوكيل.
(يا ربَّنا فلتقلِبَنْ فاءَ رفَحْ
فاءً وراءً عينَها فهْي فَرَحْ)
أنت لنا دون الّذي قد اجترَحْ
ومَن أباح الحُرُماتِ وسَرَحْ
وكم شفيتَ مؤمنًا صدرًا شرَحْ
أَدِمْ على البغيضِ أيّامَ التَّرَحْ
واستبدل الأحزانَ منه بالمرَحْ
متى يذق منك عذابا لا يَرَحْ
ريحَ ندًى ويَدْعُ: بئس المقترَحْ


المزدوج الأول الذي بين القوسين لشيخي محمد المامي، أنشدنيه وطلب إجازته، قولوا: آمين.
Forwarded from بوارق من الكتاب (خبيب الواضحي)
قول الله عن فرعون: (فأراد أن يستفزَّهم مِن الأرضِ فأغرقناه ومَن معه جميعًا وقلنا لبني إسرائيل اسكنوا الأرضَ)، فيها عجائبُ:

- منها معاملةُ الباغي بنقيضِ قصدِه، وذلك أنّه أراد إخراجَهم فأهلكه الله وأسكنهم الأرض.

- ومنها أنّ الإرادةَ مؤاخَذٌ بها، ومحاسَبٌ عليها، ولذلك رتَّب عليها الإغراقَ.

- ومنها أنّ الإرادةَ الجازمةَ هي أولى ما يعتني به العاملُ، فهي المحرِّكُ للعملِ، والنّازعُ إلى الغاياتِ، فلذلك اقتصر عليها ههنا، والمعنى يشهدُ بأنّه حرَّك الإرادةَ وجهَّز الجيشَ واتَّبع موسى عليه السّلام، حتّى جاء حتفَه.

- ومنها أنّ عقابَ اللهِ سريعٌ، وإن بدا في حسابِ النّاسِ طويلًا، وأنّه مرتَّبٌ على الإساءةِ متّصلٌ بها غيرُ منفكٍّ عنها ... وفيه بشرى للمظلوم، وتليينٌ لقلبِه.

- ومنها أنّ مَن أعان الظّالمَ واتَّبَعه كان مثلَه، فجُوزي جَزاءَه.

- ومنها طَمْأنةُ المؤمنين المستضعَفين، وأنّ اللهَ لهم بتمامِ النّصرِ والتّمكينِ، وأنّه يعصمُهم مِن جميعِ أعدائِهم، ويستأصلُ مَن قصَدهم بالشّرِّ جميعًا، فلا يبقي منهم أحدًا، وأنّ إرادةَ أهلِ الشّرِّ لا تغني مع اللهِ شيئًا، وأنّ العاقبةَ للمتّقين. وهذا الّذي شَدَّني مِن الآيةِ.

والله أعلم.
Forwarded from أحمد قنيطة
اعتقد أن كل ما يجري الحديث عنه من خلافات أمريكية صهيونية حول العدوان على رفح، وما يُتداول "إعلاميا" حول تأخير الشحنات العسكرية الأمريكية لا ستكمال عملية الإبادة الجماعية هو مجرد مناورة إعلامية أمريكية صهيونية.

ما يقوم به بايدن ونتنياهو هو مجرد تبادل أدوار في محاولة لتنفيس الغضب العالمي واحتواء الرأي العام الأمريكي المتصاعد تجاه سيطرة اللوبي الصهيوني على السياسة الخارجية الأمريكية، والإصرار بصورة "الديمقراطية الأمريكية" على المستوى العالمي.

والهدف من ذلك كله هو تمرير المذبحة في رفح بطريقة خبيثة وبشكل متدرج وضمن خطة إلهاء وتضليل عبر وسائل الإعلام، بينما تعمل ماكينة الإبادة والتدمير الصهيوأمريكية على الأرض كما هو معتاد.

مطلوب من كل الكتاب والنشطاء والمؤثرين وأصحاب الرأي والأفراد من أحرار العالم "مسلمين وغير مسلمين" عدم الانسياق وراء هذه الخطة الخبيثة، والقفز عنها وكأنها لم تكن، مع الاستمرار في نشر جرائم الصهاينة والدعوة لاستنهاض الهمم.

فالحمم ما زالت تتساقط على الرؤوس، والدماء ما زالت تنزف، والأشلاء ما زالت تتطاير، وحرب التجويع تتصاعد وتشتد من جديد، وإني أُعيذك بالله أن تكون قد أَلِفْتَ المشهد.

T.me/a2qanita1
نُتف واضحية
شيخُنا ومحلُّ والدنا الشّيخ محمّد يحيى بن سيد أحمد المجلسيّ، تولّاه الله، ... أصابته علّة نُهك منها جسمه، ووهن وهنا شديدًا مخيفًا ... أرجو أن تخصّوه بدعواتكم الصّادقة في مظانّ الإجابة، وأن تتوسّلوا بالوسائل المرضيّة عند الله. اللهم، يا كاشف الضّرّ، ويا شافي…
بلغني الآن نعيه ...

بكت عيني وحق لها بكاها
وما يغني البكاء ولا العويل

يا شوقاه! يا حزناه! يا أسفاه! يا حرّ قلباه!

إنّا لله، وإنا إليه راجعون.

إن يكن قد مضى فما عاش إلا حميدا، ولا يمضي إلا حميدا، خاليا من السوء، مخلِّفا علما، وأدبا، ودينا، ونصيحة، وتواضعا، ومكارم قليلها يخلّد الذكر، ويعلي القدر.

وإن يكن قد مضى فنحن له على الأثر.

أسكنه الله الفردوس، ووسّع له في قبره، وثبته عند السّؤال، وشفّع فيه حسن الخُلق، وسماحة النفس، وكمال المروءة، والحميّة للدّين، والعلم العريض الذي حبس نفسه على جمعه وإفادته، وأخلفنا فيه خيرا.

إني معزيكم فمعزٍّ نفسي، واللهُ ليحيى خير منّا له، وأسأله سبحانه وبحمده أن يربط على قلوبنا، ويرزقنا الرّضا.

اللهم اعصم عبدك يحيى من فتنة القبر، وعذاب النار، وثبّته عند السؤال، واجعل قدومه قدوم الكرام الوافدين إليك، واجزه عنّا خيرا، وعن أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأعل في الجنّة منزلته، ولا تفتنا بعده، يا ربنا.

اذكروه بدعائكم، يرحمكم الله.
نُتف واضحية
بلغني الآن نعيه ... بكت عيني وحق لها بكاها وما يغني البكاء ولا العويل يا شوقاه! يا حزناه! يا أسفاه! يا حرّ قلباه! إنّا لله، وإنا إليه راجعون. إن يكن قد مضى فما عاش إلا حميدا، ولا يمضي إلا حميدا، خاليا من السوء، مخلِّفا علما، وأدبا، ودينا، ونصيحة، وتواضعا،…
•|  ويلٌ للشَّجِي مِن الخَلِيِّ  |•

للهِ ما أنا فيه مِن تفرُّق الهمّ، وهيَجان المشاعر، مع شطونِ الدّار، والعجزِ عن قضاء اللُّبانات، عسى اللهُ أن يرحمنا ويرحم شيخنا، ويسكنه فسيحَ جنّاتِه، ويجمعنا به في دار كرامتِه مع مَن نحبّ، مِن غيرِ حزنٍ، ولا أسَفٍ، ولا سوءٍ.

ما أشبه حالي بحالِه، إذ كنتُ معه يومًا، فذكَرنا محضرةَ الفُرَيْوة، الّتي كان بها شيخُه محمّد عالِي بن نِعمَ العبدُ المجلسيُّ رحمه الله، وقد خلَفه في التّدريس بها ابنُه ومجيزُنا الشّيخ اِبّاه بن محمّد عالي بن نعم العبد، فتولّيتُ عن الشّيخِ، فلمّا جئتُه مِن الغدِ قال لي: قد أذكرتَني الشّعرَ وكنتُ نسيتُه، ثمّ أنشدني ما كتَب في ورقةٍ، وذلك يومَ الاثنين 23 مِن ذي القَعدة 1441، ببيتِه في «تِينِ سُوَيلِم»:

تَذكَّرَ أَزمُنَ التّحصيلِ «يحيىٰ»
علىٰ شيخِ المَعارِفِ مَن حواها

«محمَّدِ عالِ» قُطبِ رَحَىٰ المَعالي
عليهِ في العُلا دارتْ رَحاها

فنِعمَ الشّيخُ مِن شيخٍ عليمٍ
به الطُّلّابُ قد نالتْ مُناها

بمَحظَرةٍ سمَتْ شرَفًا وفضلًا
وقد حَلِيَ الزّمانُ بها وتاها

تَذكَّرَ عَهدَها فصَبا إليها
كما تصبو النُّفوسُ إلىٰ صِباها

تَذكَّرَ عَهدَها فاشتاقَ لمّا
له هبَّتْ بذِكْرتِها صَباها

ألمَّ بذِكرِها فعرَاهُ ممّا
ألمَّ به غَرامٌ مِن هَواها

زمانًا كان للتّحصيلِ فيها
مُكِبًّا تطَّبيهِ كما اطَّباها

وإن يكُ تائهًا عمّا عَداها
فما عنها بحمدِ اللهِ تاها

دعَتْه الذِّكرياتُ لها فلَبَّىٰ
وكان وقد أجاب لها دُعاها

كطُنُبورٍ حَوَىٰ نَغَمًا قَضِيبًا
وحينَ ذَوَىٰ لِمَن يَروي رَواها

كذا مَن جاوَرَ العلماءَ طِفلًا
يَنالُ إذا نَشا عِلمًا وجاها

ومَن سرَّتْه أزمنةٌ وعنْه
مضَتْ ومَضىٰ الّذين بها بَكاها

تذكَّر أزمُنًا مرَّتْ عليها
تقاصَرتِ المَحاظِرُ عن مَداها

تذكَّر أَزمُنَ التّدريسِ فيها
زمانًا قد عَلا فيه عُلاها

عُلاها في المَحاضِرِ ليس يَخفَىٰ
فما تَخفَىٰ مَحامِدُها عَلاها

وللطُّلّابِ قد كانتْ مَنارًا
وشمسًا في الورىٰ بادٍ سَناها

فتدريسُ العلومِ بكلِّ فنٍّ
بحمدِ اللهِ معلومٌ لَداها

رِباطاتُ المَعارِفِ والزَّوايا
فدَتْها بل تُقصِّرُ عن فِداها

تَذكَّرَ مِن مَنازِلها رُبُوعًا
بها حلَّتْ، وطابَ بها ثَواها

أَباطِحُها بها ازدهرتْ وفاقتْ
أباطحَ غيرِها، وعَلَتْ رُباها

وقد تسمو الدِّيارُ بساكنِيها
وتَبأَىٰ بالفَخارِ علىٰ سِواها

فبـ«المِفتاحِ» قد غَنِيتْ زمانًا
مَحَلِّ ظهورِ شيخيَ مَن بَناها

وفي «تَمْغَرْتَ» أَزمِنةً أقامتْ
بها الطُّلّابُ نالتْ مُبتَغاها

وإنّ بـ«ذي الثُّمامِ» لها ثَواءً
به ازدهرتْ، ولاحَ به سَناها

وحلَّتْ في أماكنَ غيرِ هٰذا
بها طلَبُ المَعارفِ قد تَناهىٰ

وإنّ مَحَلَّها ما عِشتُ قلبي
لها يا حبَّذا منه وواها

وقد كانتْ لهَا «الفَرْوىٰ» رِباطًا
به غَنِيتْ، وفاحَ به شَذاها

وقد رقَصتْ بعهدِ الشَّيخِ فيها
وحُمَّ بفَقدِه أَسَفًا بُكاها

وقام خليفةُ الشَّيخِ المُفدَّىٰ
بها «إِبّاهُ»، مَن يَحمِي حِماها

فلا زالتْ كما كانتْ مَحَلًّا
بُغاةُ العِلمِ فيها مُنتَهاها

صلاةُ اللهِ يَصحَبُها سَلامٌ
علىٰ ذي السِّيرةِ الغَرَّاءِ طاها

•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

واتّصلتُ به يومًا وقد رجَعتُ إلى البلادِ، فسألتُه عن حالِه، فأنشدني بيتًا:

لقد خمَدتْ جُذَا فِكري لعمري
كما قَرِحتْ قريحةُ الاقتراحِ

فأثار فيَّ الشّجون، وتطاوحت بيَ الفنون، فأرسلتُ إليه ما هو الآنَ هائجٌ في أحشائي:

بَخٍ لمُحمَّدٍ يحيى المُفدَّىٰ
بَخٍ مِن ذي وفاءٍ واطِّراحِ

ألم تَر أنّني أهفو إليهِ
كما تهفو المِراضُ إلى الصِّحاحِ

أَلِكْنيَ يا بريدُ إلىٰ رُباهُ
وما آنَستُ مِن تلك النَّواحي

لعلّيَ كاشفٌ بعضَ اشتياقي
ومُبدِلُ ضيقِ وحشتيَ انشراحي

مُغلغَلةً لِمَا قد كان منه
علىٰ طَبعِ البديهةِ والسَّماحِ:

(لقد خمَدتْ جُذَا فِكْري لَعَمْري
كما قَرِحتْ قريحةُ الاقتراحِ)

رعاه اللهُ مِن عَلَمٍ كبيرٍ
يَجِلُّ على الثّناءِ والامتداحِ

ثَنانيَ عنه دهريَ، وَيْكَ جَدِّي
أبعدَ جِوارِه يبغي سَراحي

كأنِّيَ لم أُقلِّدْه القضايا
ولم أُصِبِ المَرامِيَ بالقِداحِ

أتوقُ لدرسِه ولِمَا حَباهُ
به مَولاهُ مِن فهمٍ صُراحِ

وكنتُ أَلَذُّ مَجلسَه وأغشىٰ
نَداهُ في الاغتباقِ والاصطباحِ

وكم ألقيتُ نفسيَ بينه لا
أُقبَّحُ في ورودٍ وامتياحِ

وكم سُمْنا مَرابِعَ كُلِّ علمٍ
حمدناهُ وأُبْنا بالنَّجاحِ

وكم ساعاتِ تصحيحٍ قضَينا
لِمَا نسَجتْ يَداهُ مِن المِلاحِ

وكم توَّجتني بِحُـِلًى وفَخْرٍ
تُعلِّلُني مِن الشَّبِمِ القَراحِ

وكم آنَستَني ونعَشْتَ قلبي
وما تخفىٰ تباشيرُ الصَّباحِ

فيا أيّامُ عودي نَوِّليني
فإنّ البُعدَ برَّح بالجِراحِ

رعاك اللهُ مِن شيخٍ ودودٍ
ونالك منهُ عاقبةُ الفَلاحِ


•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

نُتف واضحية
Forwarded from أحمد قنيطة
السيناتور الأميركي ليندسي غراهام يقترح قصف غزة بالأسلحة النووية:

- على إسرائيل أن تفعل كل ما عليها فعله لإنهاء الحملة العسكرية.

- إسرائيل سيكون لها ما يبرر تسوية قطاع غزة بالأرض باستخدام سلاح نووي.

- الولايات المتحدة فعلت ذلك في هيروشيما وناغازاكي في الأربعينات ضد اليابان.

هذه هي القيم الديمقراطية الأمريكية بلا مكياج، حين يتعلق الأمر بالإسلام وبلاد المسلمين.

هي حربٌ دينية عقائدية واضحة وصريحة، وعلى المسلمين أن يعوا هذه الحقيقة جيداً، وأن يفعلوا ما يجب عليهم فعله للدفاع عن دينهم وأعراضهم واستنقاذ اخوانهم.


T.me/a2qanita1
•|  ذكرىٰ محمّد يحيى بن سيّد أحمد المجلسيّ (1)  |•

قد علم أهلُ العلم وطلّابُه ما كان بيني وبين شيخي محمّد يحيىٰ، أسكنه الله الفردوس، مِن الصِّلة، والعلاقة، وأنّي طالتْ صحبتي له، وامتدّتْ ملازمتي مجلسَه، وتلوَّن أخذي عنه، حتّىٰ إنّي أخذتُّ عنه أشياءَ لم يدرِّسْها أحدًا غيري، وأشياءَ كنتُ أوَّلَ مَن نبَّه طلّابَ العلمِ أن يأخذوها عنه، كيف ولا أعُدُّ أنّي مكثتُ عنده أقلَّ مِن ساعتين، غيرَ مرّةٍ أو مرّتين، وكنت جلستُ إليه أربعَ سنواتٍ متوالياتٍ، آتيه في غالب أيّامِها فأدخُلُ عليه عند اعتدالِ الضُّحا، وهو وقتٌ لا يدرِّسُ فيه، وإنّما يدرّس بعد المغرب، وبعد العشاء، أدخُلُ حينئذٍ ثمّ لا أنفتلُ إلّا قبيلَ صلاةِ الظّهرِ، وكثيرًا ما كانت الصّلاةُ تدركني وأنا عنده، فإذا كان قادرًا خرَجنا إلى المسجد، أو شاكيًا صلّيتُ معه في البيت، وأتغدَّىٰ معه بعد ذٰلك ... وربّما مكثتُ معه إلىٰ صلاةِ العصر، وإلىٰ صلاةِ المغرب، وإلىٰ صلاةِ العشاء، ومتوسِّطُ ذٰلك ثلاثُ ساعاتٍ في اليومِ، لا أكادُ أنقُصُ منها ولا يَنقُصُ، وإذا اعتراني شغلٌ بطَّأ بي الشّيخُ حتّىٰ تمضيَ المدّةُ، كذٰلك كان مجلسُنا، نُقاني بين درسِ علمٍ ومذاكرةٍ ومباحثةٍ ومطالعةٍ وتصحيحٍ ومناشدةٍ ومحادثةٍ، وكان يُلهِبني إلىٰ قولِ الشّعر، وينصتُ إلىٰ ما أُسمعه مِن نثر، ويستحبُّ المقالاتِ الّتي أطلعه عليها، ويرغبُ في الوصايا الّتي تخرُجُ منّي لإخواني مِن طلبةِ العلم، والبحوث، وفنون التّحقيق، وما إلىٰ ذٰلك، ويستحثّني علىٰ أن أزيدَ مِن ذٰلك، وأن أجمعه، وكان له بالكُتُبِ وَلُوعٌ عجيبٌ، رحمه الله، وكنتُ له كَلَأً مُباحًا لا يحجُبُه منّي شيءٌ، كما أباح لي نفسَه، وبسَط لي خُلُقَه الواسعَ العريضَ، وما جئتُه قطُّ إلّا قدَّم بين يدي الدَّرسِ: ماذا وراءَك؟ ماذا جدَّ لك؟ أسمِعْنا ممّا أحدَثتَ بعدنا ... ويطلعني عمّا جدَّ له أيضًا. ثمّ كان يسائلُ عنّي مَن يعلمُ أنّ لهم بي صلةً مِن إخوانيَ الطّلبة، ويتفقّدُ خبَري، لا يفتأُ، ويحدّثني الطّلبةُ بذٰلك متعجِّبين مِن كثرةِ ما يسألُهم، إلىٰ يومِ صَمَتَ، وقد ارتحل عن ستٍّ وثمانين سنةً، رحمه الله ورضي عنه.

فما أدراكم ما مبلغُ ما أصابني مِن الوجدِ بفقدِه، ولا حولَ ولا قوّةَ إلّا باللهِ.

إنّي لعاجزٌ أن أكتبَ عنه الآنَ، أو أحاضرَ في خبَره، ولستُ ممّن يستهويهم في مثلِ هٰذا المَقامِ الحديثُ، ولا ممّن يرغبون في الأخذِ بالأيمانِ والشّمائل، مع أنّي كتَبتُ مِن أمورِ الشّيخِ عندي، وقيَّدتُّ مِن نوادرِ ما دار بيننا، وجلَبتُ مِن نعوتِه، وأخلاقِه، وطويلِ أخبارِه، ومنزلتِه مِن العلم، وأوّلِ أمرِه وآخره ... فجمعتُ شيئًا عجَبًا، هو محفوظٌ مصونٌ، وقلتُ فيه الشّعرَ المتنوِّع الّذي اقتضتْه الأحوالُ، وأحسبُ أنّي كنتُ به بارًّا، وأنّه كان عنّي راضيًا، رضي الله عنه وأرضاه، وثبَّتنا بعده، ووفَّقنا لحملِ الأمانةِ، والصّيانة.

غيرَ أنّي أحببتُ أن أسلّي نفسي بشيءٍ جامعٍ لما تفرَّق مِن شِيَمه، مؤدٍّ عنّي بعضَ حقِّه، كان يومئذٍ كذٰلك، وأرجو أن يسترَ اليومَ خَلَّتي، ويكون في شفاءِ عِلّتي، يَجْري مَجرى الذّكر والرّثاء، والبِرّ والوفاء.

دخَلتُ عليه يومًا، أوَّلَ المحرَّمِ مِن سنةِ 1442، فلمّا أخذتُّ حاجتي وهممتُ بالانصرافِ، وذٰلك قبلَ صلاةِ العصرِ، أخرج لي ورقةً، وأنشدني شيئًا فيها، رجَزًا رائيًّا مؤسَّسًا، يَذكُر ولَدَه فيه، وينعتُه، فتضاءلتْ عندي نفسي أيَّ تضاؤُلٍ، واستبدَّ بي الفكرُ والعجبُ، واستحكم الحقُّ، أن يكونَ مثلُه يذكرُ مثلي، وأنا طالبٌ وهو مطلوبٌ، وهو أغنى النّاسِ عن مثلي، فبقي موقعُه ذٰلك يعملُ فيَّ، ولم أدرِ له سبَبًا حرَّكه إليه، إلّا أن يكونَ قصيدةً لشيخنا الخضر بن يوسف الحسَنيّ، وكنتُ يومئذٍ جهَّزتُ نفسي للسّفر إلىٰ "وادان" المدينةِ العريقةِ الّتي بشَمالِ موريتانيا، وكانتْ أقدمَ الحواضر العلميّة بها، ورتَّبتُ أن أنزلَ مدينةَ "أطار"، فأبيتَ بها، ثمّ أنطلقَ إلىٰ "وادان" بعد الظّهيرةِ ... فركبتُ ومعي صاحبان، وتلهّيتُ عن أمورِ السّفرِ بمحمّد يحيىٰ، وكذٰلك قضَيتُ جميعَ ليلتي، وبقيّةَ صبيحتي، لم يُغمَضْ لي جَفنٌ، حتّىٰ زالت الشّمسُ وقد قلتُ أرجوزةً كثيرةً أشطارُها، علىٰ رويِّ ما قال الشّيخُ، وشرطِه، فلم يهدأ لي بالٌ إلّا أن اتّصلتُ بالشّيخِ، رحمه الله ورضي عنه، وأنشدتُّه إيّاها، فلمّا بلغتُ آخرَها، وفيه ما يسيلُ المدامعَ، غلبتْني نفسي بالبكاء، حتّى انقطعتُ، فسكَتَ الشّيخُ هنيهةً رضي الله عنه، ثمّ قال لي بصوتِه الهادئِ الحنونِ الصّادقِ: هٰذا الّذي تصفُ أنا أجد مثلَه في نفسي ... فلمّا فرَغتُ منها قال لي: قد أسمعتني الآنَ، وأنتظر مرجعَك لتكتبَها لي بخطِّك. وكان يروقُه خطّي، ويستحسنُه، فكتبتُها له بخطّي وفيها سبعون ومئة شطر.

فها أنا ذا أنجّمها تسليةً لنفسي ولمَن يطالبني بحقِّ الشّيخ عليَّ رضي الله عنه، وكانت في يومٍ واحدٍ، مع شُقّةِ السَّفَر:

•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

نُتف واضحية
•|  ذكرىٰ محمّد يحيى بن سيّد أحمد المجلسيّ (2)  |•

البَدرُ في عُلْياهُ أَبهَىٰ زاهِرِ

والشّمسُ مُطلِعُ النّهارِ الجاهِرِ

وصُوّةُ المِنْهاجِ هَديُ السّائِرِ

والرَّوضُ مَوْليًّا بزَهْرٍ ناضِرِ

وطِيبِ رِيحٍ زِينةُ النّواظرِ

وبهجةُ الأرواحِ بالعَواطِرِ

والمَاءُ في اليَنبوعِ أزكىٰ طاهرِ

والغَيثُ للرّحمةِ خيرُ ناشِرِ

والأرضُ تَحيا بالحَيا المَواطِرِ

ولا كيحيى الأحمديِّ الفاخِرِ

المَجلِسيِّ الأُمَوِيِّ الوافِرِ

نجلِ القُرُومِ السّادةِ الكَواثِرِ

محمّدٌ يحيىٰ أبو المَفاخِرِ

شيخُ الشُّيُوخِ غُرّةُ العَشائِرِ

حامي حِمى العلومِ والشَّعائِرِ

السّيِّدُ ابنُ السّادةِ الأخايِرِ

الأبيضُ ابنُ الأبيضي المَآزِرِ

ذوي العَلاءِ والنَّدى المُواتِرِ

والرّحمةِ المُسداةِ للمُجاوِرِ

(تَعرِفُ في أوجُهِها البَشائِرِ

آسانَ كلِّ آفِقٍ مُشاجِرِ)


•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

نُتف واضحية
•|  ذكرىٰ محمّد يحيى بن سيّد أحمد المجلسيّ (3)  |•

محمّدٌ يحيىٰ دليلُ الحائِرِ

وإسوةُ البحَّاثةِ المُثابِرِ

مُعلِي بِناءِ كلِّ نَدْبٍ خابِرِ

ومُؤثِرُ الأُخرىٰ بصنعِ الحابِرِ

يَصدَعُ بالحقِّ بقولٍ عاذِرِ

علىٰ هُدى السُّنّةِ والبَصائِرِ

مطَّرِحَ الأهواءِ والضّرائِرِ

تَخزَىٰ به أهلُ الضّلالِ الصّاغِرِ

لا يَستفِزُّه هَوَى المُكابِرِ

ولا يُبالي سَطْوةَ المَناكِرِ

ولا يُماري بالمِراءِ الظّاهِرِ

يُغضِي عن العُيُوبِ والعَواوِرِ

ويَتبَعُ الذَّنبَ بعَفوٍ غافِرِ

يَسقِي بحِلمِه الأصيلِ النّادِرِ

ويَنسَخُ الجَهلَ برِفقِ القادِرِ

وباعِه الطّويلِ في المَنافِرِ

مُحتلَبُ النَّدىٰ لدى البَواكِرِ

وواسعُ العَطاءِ في الهَواجِرِ

وليس عن جَدَىٰ غدٍ بحاجِرِ

في العُسْرِ تُلفِيهِ وفي المَياسِرِ

مخفِّضُ الجَناحِ للمُعاشِرِ

ومُؤنسٌ مِن وَحْشةِ المُسامِرِ

يُرخِي حِبالَ القَولِ للمُحاوِرِ

وعِلمُه أَدنى الحِباءِ الغامِرِ

إلىٰ تواضُعٍ غريبٍ بادِرِ

يُخجِلُ أغصانَ النَّباتِ الثّامِرِ

ويُذهِبُ الدّاءَ عن المُصاعِرِ

إلىٰ رَجاحةِ الفُؤادِ الآطِرِ

ورِقّةِ الطَّبعِ، وحُسنِ الطّائِرِ

واللِّينِ، والتّعظيمِ للشّعائِرِ

والصِّدقِ في الوِدادِ، والمَشاعِرِ

وسَعةِ الخَيالِ، والخَواطِرِ

إلى اعتِبارِ الدّهرِ ذي الدَّوائِرِ

وكلِّ خَطْبٍ واعظٍ وزاجرِ

والذِّكَراتِ غِبَّ كلِّ ذامِرِ

وأَخذِه بحِيطةِ المُحاذِرِ

وهِمّةِ العَضْبِ الصّقيلِ الباتِرِ

بعدَ ثمانين جَلَتْ عن شاكِرِ

معتصِمٍ بربِّه مصابِرِ

وسنتَينِ، ولدَهرٍ داهِرِ

(عن طَبَع الأطباعِ عَفٍّ طاهِرِ

ينجو مِن الأمرِ علىٰ مَعابِرِ

صِدقٍ وتقوَىٰ وعَفافٍ ساتِرِ

وشِيَمٍ مُجنِبةِ القَناطِرِ

وليس في عُهُودِه بالغادِرِ)

ولا يُضِيعُ الوقتَ في المَهاذِرِ


•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

نُتف واضحية
•|  ذكرىٰ محمّد يحيى بن سيّد أحمد المجلسيّ (4)  |•

ليس له في النّاسِ مِن نظائِرِ

وسَلْ بني كلبٍ ورَهطَ عامِرِ

مُلحِقُ بالأوائلِ الأواخِرِ

ثاني الأصاغرِ على الأكابِرِ

بمُتلَداتِ كابرٍ عن كابِرِ

مُوالِيَ البُدُوِّ والحواضِرِ

والعِلمِ والتُّقاةِ والمَآثِرِ

مَنبِتُه في أشرفِ العَمائِرِ

وسَقيُه بأعذبِ الأَباحِرِ

وظِلُّه أَفْيأُ ظِلٍّ وافِرِ

يقُصُّ أنباءَ الزّمانِ الغابِرِ

وما جَرىٰ في الأَعصُرِ الدَّوابِرِ

كأنّما أنت بلَمحٍ باصِرِ

عندَ لِسانِ الدِّينِ ذي الوَزائِرِ

مُنفِّسِ العِظاتِ والمَصايِرِ

وكيف كان كلُّ أمرٍ داثِرِ

وكُتْبُه خيرُ جليسٍ حاضِرِ

وغائبٍ مُنتظَرٍ مُهاجِرِ

فيهنّ يعصي كلَّ نصحٍ جائِرِ

وكلَّ رأيٍ مستخِفٍّ ساخِرِ

أعطى الهَوىٰ دِينَ مُوَلٍّ سادِرِ

وانجاب عن كلِّ قبيحٍ غادِرِ

وكلِّ خُلْقٍ في الرِّياطِ عاثِرِ

وليس بالتّكلُّفِ المُعاسِرِ

أَدرَىٰ مدرِّسٍ وأَبْرَىٰ زابِرِ

محبِّرٍ، وللجُمانِ ناثِرِ

بينَ صُرُوفِ عِلمِه مُظاهِرِ

مرجِّعًا لباطنٍ وظاهِرِ

يُمتِعُ كلَّ سامعٍ وناظِرِ

وسَطرُه يُؤنِقُ كلَّ ساطِرِ

أَعرَفُ بالخُطُوطِ والمَحابِرِ

وبالزَّوايا الغُرِّ والمَحاضِرِ

أسلوبُه للعلمِ أيُّ شاهِرِ

وللأُبُودِ هو أيُّ آسِرِ

ولدقيقِ الفِقهِ أيُّ فاطِرِ

في سعةِ الحِفظِ العُجابِ الذّاكِرِ

ناهيكَ عن عَذبِ القريضِ الزّامِرِ

يَخرُجُ مِتْئَامًا بسحرٍ ساحِرِ

مُطاوِعًا ليس بواهٍ فاتِرِ

شامَمْتُه في الدَّرسِ والتّذاكُرِ

وفُسْحةِ الثّاوي لدى المَحاجِرِ

ولا أقولُ غيرَ صدقٍ ناقِرِ

ما زِلتُ أَرسُفُ على المَخاطِرِ

حتّىٰ أتاح اللهُ ذا البَشائِرِ

لعبدِه الواني الكليلِ القاصِرِ

فنِلتُ ما لا يُرتَجَىٰ لآصِرِ

شيخيَ لي خيرُ مُعينٍ ناصِرِ

ومُكرِمٍ مِن فضلِه مُخاصِرِ

اليومُ ممْدودٌ لهٰذا العاصِرِ

يَجني به السّاعاتِ غيرَ خامِرِ

يَرعَىٰ شُئُونَه بعَينِ السّاهِرِ

رصَّعني بأَنفَسِ الجواهِرِ

ولاطَني بأرفعِ الأواصِرِ

كم مُعضِلٍ ألقيتُ مِن شَراشِري

إذا جوابُ ذاكرٍ وآثِرِ

روَيتُ عنه مِلءَ وِقرِ السّافِرِ

ورَدتُّ جَمَّه بحرفٍ ضامِرِ

ووجهِ نفسٍ ذاتِ همٍّ باسِرِ

فكان لي أهنأَ وِردٍ صادِرِ

وخيرَ آسٍ للمَهِيضِ جابِرِ

حَرْجَمتُ في مَجلسِه أَباعِرِي

عَبَأتُ فيها عُدّةَ المُسافِرِ

مِن تالدٍ وطارفٍ ونادِرِ

وإنّني به لَخيرُ ظافِرِ

جزاهُ عنّي اللهُ أجرَ الخافِرِ

ما فاتني مِن غيرِه مِن ضائِرِ

إنّي لَراضٍ بالوفيرِ الصّائِرِ

ولن أَنالَ الأمرَ بالحَذافِرِ


•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

نُتف واضحية
•|  ذكرىٰ محمّد يحيى بن سيّد أحمد المجلسيّ (5) - آخرها  |•

محمّدٌ يحيىٰ كغَمْرٍ قاطِرِ

حلّىٰ وَلِيَّهُ مِن الأساوِرِ

أرجوزةً تَبأَىٰ على الحَرائِرِ

وهْو أحقُّ بامتداحِ الشّاعِرِ

حَظِّي به يَغِيظُ كلَّ زائِرِ

قد زارَهُ أو كان غيرَ زائِرِ

محمّدٌ يحيىٰ مِن الذَّخائِرِ

ونِعَمِ اللهِ على المَعاشِرِ

فكيف أنتِ يومَ أن تُغادِرِي

يا نفسُ، يومَ أنتِ في الجزائِرِ

وقد عَدِمتِ حُظْوةَ المُشاوِرِ

يومَ تَهِيجُ سَورةُ المُساوِرِ

مِن كلِّ رَقْشاءَ وكلِّ خادِرِ

لكَ الإلـٰهُ يا ابنَ عبدِ القادِرِ

إذْ لاعجٌ يَلهَبُ في الضّمائِرِ

صريعَ هَمٍّ مستكنٍّ فاقِرِ

نَزِيفَ جُرْحٍ في الحَشايا غائِرِ

كيف السُّلُوُّ حينَ وَتْرِ الواتِرِ

البَينُ حتمٌ، حكمُ عَدلٍ قاهِرِ

واللهُ لا يُفلِتُه مِن ماهِرِ

وإنّما النّاسُ إلى المَقابِرِ

فعِشْ برحمةِ الإلـٰهِ الغاضِرِ

شيخَ الهُدىٰ والهِمَمِ الكبائِرِ

مهنَّأً بأَنجَحِ المَقادِرِ

تَقَرُّ يومَ العَرضِ بالصَّوادِرِ

إذْ يَظهَرُ المَخفيُّ في السّرائِرِ

وأَرتَجي رَجاءَ غيرِ ناذِرِ

بأن أُراعيَ بُذُورَ الباذِرِ

بنفسِ حُرٍّ مستعينٍ جاسِرِ

على المَدىٰ لا مُختشِي الجَبابِرِ

عساهُ لا يُرمَىٰ بسَهمٍ عائِرِ

ولا بحكمٍ عن هُداهُ نائِرِ

ولا هَوًى بكلِّ نفسٍ غادِرِ

واللهُ يُحذِينا بعِرْقٍ زاخِرِ

مِن كلِّ خيرٍ أوّلٍ وآخِرِ


•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

نُتف واضحية
Audio
من الذّكريات في أيّام موريتانيا، وكنت على طلّابٍ أدرّسهم وأدبّر أمورهم ...
•|  رثاء محمّد يحيى بن سيّد أحمد المجلسيّ  |•

أحقٌّ ما أتاني عنك صِدقٌ؟
وهل أنا للّذي بُلِّغتُ واعي؟

أتاني ـ شيخيَ المِفضالَ يحيىٰ ـ
يُخبِّرُ بارتحالِك نعيُ ناعي

تُغادِرُنا العشيّةَ، ويحَك اسلَمْ
فدَيتُك، لا تُعجِّلْ بالزَّماعِ

(بكَتْ عيني وحُقَّ لها بُكاها
وما يغني البُكاءُ) عن ارتياعِ

فيا نفسُ الزَمي صبرًا علىٰ ما
رُزِئتِ به العشيّةَ، لا تُراعي

أتاني والفؤادُ به مشوقٌ
وإنّي والبلاءَ لفي اصطراعِ

فأَوقَد في الحشا نيرانَ عهدٍ
تولَّىٰ، ما إليه مِن ارتجاعِ

أيا أَسَفىٰ على يحيىٰ، شَجاني
(وكان فِراقُ يحيىٰ كالخِداعِ)

ويَا لَهَفَىٰ علىٰ نفسي، دَهتْها
خطوبٌ لا يقي منها قِناعي

أأبكي هَدْيَه الحلوَ السَّجايا
أم العلمَ المُعتَّقَ باطِّلاعِ

أم العقلَ الّذي يسعُ البرايا
أم الحِلمَ الرّجيحَ على التِّلاعِ

أم الخُلُقَ الّذي كنسيمِ صُبْحٍ
أم الإخباتَ في شَمَمِ اليَفاعِ

أم الطَّبْعَ الّذي لا شوكَ فيهِ
ولا كَدَرٌ به أو ضيقُ باعِ

أم الدّينَ المَتينَ بمَجدِ خِيمٍ
ينوءُ بأمّةِ الهادي المُطاعِ

أم العَزَماتِ في وثَباتِ شهمٍ
إذا سِيمَ الحِمىٰ خَسفَ القِراعِ

أم التّجريبَ والذِّكَراتِ غِبًّا
أم النُّصحَ المُباريَ للشُّعاعِ

أم الأُنسَ الّذي عوَّدتَّني أم
نصيبي منك حينَ له تُراعي

أم الوصلَ الّذي يُحيي فؤادِي
ويَقتلِعُ الشَّجىٰ أيَّ اقتلاعِ

ولو أنّ الوِصالَ يُباعُ يومًا
لكنتُ على المَكارِه ذا ابتِياعِ

وداعًا صاحبي وأبي وشيخي
ومؤنسَ وحشتي يومَ انقطاعي

فقَدتُّ العلمَ والأنسَ المُوالَىٰ
وحُبَّ المَاجدِ الرَّحبِ الذِّراعِ

فمَن لي إثرَ حادثةِ اللّيالي
ببشرىٰ صادِقٍ بَرٍّ وَداعي

ومَن لي بالنّصائحِ والوصايا
ومَن لي باحتفاءٍ واستِماعِ

فإن أَنسَ امرأً لا أَنسَ شيخي
وعندي منه ذاتُ يدٍ صَناعِ

شيوخُ العلمِ آباءٌ كرامٌ
لهم في القلبِ مكنونُ التِياعِ

فلا تَبعَدْ وجُنِّبتَ البلايا
ولم تَفتِنكَ غاشيةُ الرُّواعِ

بكاك العارفون وكلُّ نَدْبٍ
وعَدُّوا مِن جميلاتِ الطِّباعِ

وقد شَدَوا المَراثيَ في النَّوادي
ولم أكُ فيهمُ بين السِّراعِ

وكنتَ مبادرًا للأمرِ، عُذرًا
فلم يكن البِدارُ بمستطاعِ

فما أنا فيه مِن حزَنٍ وشوقٍ
يُبرِّحُ وانكسارٍ وانصِداعِ

أقمتُ سنين في كَنَفٍ كريمٍ
رحيمٍ منك مرفوعِ الشِّراعِ

وقد جَلَتِ السَّجايا لي عِيانًا
وذُقتُ العَذْبَ منك بالاضطِلاعِ

وإنّ خَيالَك الأسنىٰ ببالي
يُذكِّرُنيكَ ليس بذي انقِطاعِ

ولا يُسلِي رِثاؤُك لي فؤادي
فما شأني بترقيشِ اليَراعِ

وقَدرُك ثابتٌ، والحقُّ حقٌّ
وإن عجَزتْ يدٌ أو نام ساعي

وإن تُذكَرْ نعوتُك فهْي بِرٌّ
وليس البِرُّ بالعملِ المُضاعِ

وحسْبي أُلْفةٌ جمَعتْ خِلالًا
وكان الإلفُ مِن خُلُقِ الوَساعِ

فكن يحيىٰ بلحدِك في نعيمٍ
وكن يحيىٰ بنورٍ واتِّساعِ

سلامًا شيخيَ الأزكىٰ سلامًا
وقلَّ سلامُه يومَ الوَداعِ

لعلّ اللهَ يجمعُنا قريبًا
بجنّاتٍ بها خيرُ اجتماعِ

سقىٰ يحيىٰ مُرِبّاتُ الغوادي
وخُلِّد ذكرُه بين البِقاعِ


•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

نُتف واضحية
•|  فائدةٌ مِن بطن «خلاصة» النّحو  |•

ذكَرتَ لي ـ حفظك الله ـ أنّ ابنَ مالكٍ ذكر جموعَ التّكسير الّتي للكثرةِ في «الكافية» أربعةً وعشرين، وفي «الألفيّة» ثلاثةً وعشرين، فسألتَ هل استدرك عليه أحدٌ مِن شُرّاحها.

اعلم أنّ ابنَ مالكٍ في «الكافيةِ» أجملَ جموعَ الكثرةِ قبل أن يفصِّل مواضعَها، فقال:
ومُثُلُ الكثرةِ: «فُعْلٌ» «فُعُلُ»
«فِعْلانُ» «فُعْلانٌ» و«فَعْلىٰ» فِعَلُ»

«فُعّالٌ» «اَفعلاءُ» ثمّ «فُعَّلُ»
«فَواعِلٌ» «فِعْلَىٰ» «فِعَالٌ» «فُعَلُ»

«فَعَلةٌ» «فَعائِلٌ» و«فُعَلَهْ»
ومَعْ «فَعالَىٰ» و«فُعالَىٰ» «فِعَلَهْ»

ومعْ «فَعِيلٍ» و«فُعُولٍ» «فُعَلا»
وبـ«فُعالٍ» و«الفَعالِي» كَمَلا


وهٰذه أربعةٌ وعشرون وزنًا، دخَل فيها وزنُ:
- «فُعَالَىٰ» مثلُ: أُسارَىٰ جمع أسير.
- و«فَعِيلٍ» مثلُ: عَبِيدٍ جمع عَبْدٍ.
- و«فُعَالٍ» مثلُ: ظُؤارٍ جمع ظِئْرٍ.

وهٰذه الأوزان الثّلاثة أسقطها في «الألفيّة»، فكان ينبغي أن ينزل ما في «الألفيّة» عمّا في «الكافيةِ» بثلاثة أعدادٍ، وقد ذكَرتَ ما هو معروفٌ أنّه كان ما بينهما عددًا واحدًا، فينبغي أن تسألَ: أين ذهَب الآخَران؟

وجهُ ذٰلك أنّ في «الألفيّة» وفي «الكافية» بعد هٰذا الموضعِ وزنين لم يذكرهما عند هٰذا الموضعِ، وذٰلك قولُه في «الكافية»:
واجعلْ «فَعالِيَّ» لغيرِ ذي نَسَبْ
جُدِّد كـ«الكُرْسِيِّ» تفعلْ ما وجَبْ

وبـ«المَهارِي» و«المَهارَى» «المُهْرِيْ»
قد جمَعوا ومِن قِياسٍ أُعرِي

وبـ«فَعالِلَ» وشبهِه انطِقا
في جمعِ ما فوقَ الثّلاثةِ ارتقىٰ ...


وأسقط في «الألفيّة» البيت الوسط، وجعَل آخر الأوّل: «تتبع العرَب».

فقد رأيتَ أنّه لم يعدُدْ «فعاليَّ» ولا «فَعالِل» في «الكافية» في موضع الإجمال، فرأيتَ أنّه ذكَر ثلاثةَ أوزانٍ في إجمالِ «الكافية»، تركها في «الألفيّة»، وذكَر في «الألفيّة» وفي «الكافية» بعدُ وزنين ترَكهما في الإجمالِ الّذي به كانت العدّةُ أربعةً وعشرين وزنًا، فإذا طرَحتَ اثنين مِن ثلاثةٍ بقي واحدٌ، وهو الّذي تمَّم عدّةَ ما في «الكافية» أربعةً وعشرين وزنًا، في موضعِ الإجمالِ، وبه نقَص ما في «الألفيّة» إلىٰ ثلاثةٍ وعشرين، كما ذكَرتَ.

وأنا أبيّن وجهَ ما في الكتابين، لئلّا تحتاجَ إلىٰ سؤالٍ.

❏ أمّا عَدُّ «فَعِيلٍ» و«فُعَالٍ» في جموع التّكسيرِ فعلىٰ مذهبِ مَن يراهما كذٰلك، والمشهورُ الّذي نعتقدُه الحقَّ أنّهما ليسا بجمعٍ، وإنّما هما اسمَا جمعٍ، ولذٰلك ترَكهما في «الألفيّة»، لأنّه لم يتعرَّضْ لأسماءِ الجموعِ، وإنّما قصَد صِيَغَ الجموعِ الحقيقيّة، فلم يحتجْ إلىٰ أن يُستدرَكَ عليه. ويعينُ علىٰ ذٰلك أنّه لم يُفصِّلْ أمرَهما في «الكافيةِ» بعد الإجمالِ، كما فصَّل مواضعَ سائرِ الجموع، لأنّهما ليس لهما موضعٌ يطّردان فيه أو يكثران. وإذا كان هٰذا حقَّ الوزنين المذكورين فلا حاجةَ إلى استدراكِهما على «الألفيّة»، ولا يلزمُ الشُّرّاحَ ذكرُهما إلّا علىٰ سبيلِ التّبرُّعِ والتّنبيهِ، وقد فعَل ذٰلك بعضُهم كالمراديّ، ذكَرهما تتمّةً قبل البيتِ الآنفِ: «وبفَعالِلَ ...».

❏ وأمّا عَدُّ «فُعالىٰ» بضمّ الفاء، فقريبٌ، لأنّه فرعٌ عن «فَعالَىٰ»، وترَكه في «الألفيّة» اكتفاءً بأصلِه، والتّنبيهُ علىٰ ضمّ الفاءِ في بعضِه مِن وظيفةِ الشّرّاح.

❏ وأمّا عَدُّ «فَعاليَّ» في جموعِ التّكسيرِ فجارٍ علىٰ مراعاةِ الظّاهرِ، ومَن التَفَت إلىٰ حقيقةِ الوزنِ وجَده داخلًا في مثل: «فَعالِيل، ومَفاعِيل، وأَفاعيل» المشمول بقول الشّيخ: «وبفَعالِلَ وشِبهِه»، وإذا كان داخلًا فلا حاجةَ إلىٰ إفرادِه، فلذٰلك تجاوزَه في إجمالِ «الكافية»، وذكَره عند البسط تعليمًا.

•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

واعلم أنّ بعضَ ما ذكر ابنُ مالكٍ في الكتابين يداخلُ بعضَ ما ذكَر، عوَّل في التّفريق بينهما علىٰ حكمِ اللّفظِ.

مثالُ ذٰلك: «فَواعِلُ»، و«فَعائِلُ»، و«فَعالَىٰ»، و«فَعالٍ»، هٰذه الأربعةُ كلُّها ترجعُ إلىٰ وزنٍ واحدٍ في الحقيقةِ هو: «فَعالِلُ» وشبهُه، وهو الجمعُ الّذي لا نظيرَ له في الآحادِ، بفتحِ أوّلِ الوزنِ وثانيه، وألفٍ زائدةٍ بعدَه، ثمّ كسرِ الرّابع، يليه حرفُ الإعرابِ، غيرَ أنّها عرَضت لها أحكامٌ تصريفيّةٌ لفظيّةٌ أَلزَمتْ فيها طرائقَ مخصوصةً في الظّاهرِ، ومنها تمييزُ جمعِ الثّلاثيّ مِن الرّباعيّ، فبنى ابنُ مالكٍ علىٰ مراعاتِها القواعدَ، وذٰلك:
- مسهّلٌ علىٰ مَن لا درايةَ له بمآخذِ العربيّةِ، إذْ يجدُ أمورًا ظاهرةً يَطرُدُها، ويتحاكمُ إليها، فيستقيمُ له اللّفظُ.
- مشكلٌ علىٰ مَن اعتبَر وأَنعَمَ، إذْ يجدُه ينكسرُ، لأنّ قولَ الشّيخ: «وبفَعالِلَ وشبهِه» قد دخَل فيه: «فَواعِلُ»، و«فَعائِلُ»، وغيرُهما.

فلا وجهَ لإخراجِه إلّا ما ذكَرتُ لك مِن تمييزِ ما له حكمٌ ظاهرٌ يطّردُ فيه، وهو طريقةٌ فهمتُها لابنِ مالكٍ في وضعِ القواعدِ، إذْ كان امرأً يعوِّلُ على الظّاهرِ كثيرًا، ولا أذكرُ أنّي وجَدتُّها لأحدٍ مِن الشّرّاح.

والله أعلم.

•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

نُتف واضحية
اللهم إنّا مغلوبون، فانتصر.

اللهم إليك نشكو ضعف قوّتنا، وقلّة حيلتنا، وخوَر عزائمنا، وتشتُّت شملنا، ورقّة ديننا، وتفرّق كلمتنا، وميلنا إلى العاجلة، وطولَ آمالنا، وهواننا على النّاس، وتكالب الأعداء علينا.

اللهم إليك نبرأ مِن كلِّ دمٍ حرامٍ يُراق، وكلِّ نفسٍ مؤمنةٍ بغيرِ حقٍّ تُزهَق، وكلِّ كَلْمةٍ يُكلَمُها مظلومٌ، وكلِّ جَوْعةٍ وكلِّ صرخةٍ وكلِّ حَزْنةٍ وكلِّ روعةٍ وكلِّ لوعةٍ وكلِّ حسرةٍ وكلِّ كسرةٍ ...

اللهم لا تُمِت قلوبَنا، ولا تطمس على أعيننا، ولا تتوَّلَ عنّا رحمتُك، أرحمَ الرّاحمين.

يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الجلال والإكرام.

•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

نُتف واضحية
المهذب من الفقه المالكي.pdf
256.4 KB
تنويهٌ بكتابٍ مالكيٍّ نافعٍ، يضيقُ الموضعُ عن بسطِ جوانبِه، جمَعتُه في ملفٍّ واحدٍ. وهو كتابُ «المهذَّب من الفقه المالكيّ وأدلّتِه» لشيخنا محمّد سُكحال المجّاجيّ، حفظه الله ونفع به.

وهذا رابط الكتاب، لمَن أراد احتمالَه:

https://archive.org/details/ElMouhazeb/ElMouhazeb-01/

•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

نُتف واضحية
2024/05/29 01:13:02
Back to Top
HTML Embed Code:


Fatal error: Uncaught Error: Call to undefined function pop() in /var/www/tgoop/chat.php:243 Stack trace: #0 /var/www/tgoop/route.php(43): include_once() #1 {main} thrown in /var/www/tgoop/chat.php on line 243