"أنا شخص مصاب بشدة التركيز، وربط الأمور المُعقدة، مُصاب بمعرفة الأمر قبل حدوثه، ولم أجد مخرجًا من هذا، وتلك قضيتي الوحيدة."
"أعي تمامًا معنى أن تتضارب رغباتك مع قناعاتك، أن يستهويك أمر لدقيقة ثم تشمئز منه الدقيقة التي تليها"
علاقتي بالأشياء ليست ثابتة، متأرجحة بين المعرفة والجهل، في لحظة أظن بأني فهمتها وفي لحظة أخرى كأنها غريبة عليّ، لم أحظى بيقين ثابت طوال حياتي لشيء واحد فقط، وكلما اقتربت من ذلك، أعادتني لحظة شك عشر خطوات إلى الخلف، فلم أعد أحاول.
ليالٍ كثيرة عبرتها بكل هذا الهدوء حتى اعتدته، تفزعني الآن كل التدخلات ولم أعد أجيد التعامل معها.
تعال إلي فالأيام ثقل
ومن إلاك يجعلها خفافا
وإنّ ليالي الأشواق تمضي
على أرواحنا سبعا عجافا
وكل الناس قد علموا بأنّي
متيم بعينك لا خلافا
فخذني حيث لا حزن وبيّن
لعل القلب من الخوف تلاشى
فقلبُ أنت أخذهُ إليك
حرامٌ بعد أمنك أن يخافا
ومن إلاك يجعلها خفافا
وإنّ ليالي الأشواق تمضي
على أرواحنا سبعا عجافا
وكل الناس قد علموا بأنّي
متيم بعينك لا خلافا
فخذني حيث لا حزن وبيّن
لعل القلب من الخوف تلاشى
فقلبُ أنت أخذهُ إليك
حرامٌ بعد أمنك أن يخافا
كان من الممكن لحياتي أن تكون كافية وعلى مقاسي لولا أن خيالي كان يوسعها دائماً
ظننت للحظة أنني خلعت عني عباءة الماضي ومضيت في طريق جديد، كما لو أنني تركت كل شيء خلفي بلا رجعة. لكن الحقيقة أكثر قسوة مما تصورت. لم أتخط شيئاً؛ كنت عالقاً في مكان ما بين الاستسلام والمواجهة، أستيقظ كل يوم، ليس لأعيش، بل لأُعيد نفس الحكاية بلا معنى، وأعود للنوم وكأنني أهرب من الوقت نفسه.
لم أفقد الرغبة دفعة واحدة، بل سقطت مني قطعة قطعة، حتى أصبحت خاوياً من الداخل. الوقت لم يضِع فقط؛ بل تسرب ببطء، وكأنه كان يتلذذ بتجريدي من كل ما أملك. كل شيء من حولي مضى، تجاوزني كما لو أنني لم أكن، وأنا بقيت في مكاني، أحمل عبء أشياء لم أستطع تجاوزها، ولا أملك الجرأة حتى للاعتراف بذلك.
لم أفقد الرغبة دفعة واحدة، بل سقطت مني قطعة قطعة، حتى أصبحت خاوياً من الداخل. الوقت لم يضِع فقط؛ بل تسرب ببطء، وكأنه كان يتلذذ بتجريدي من كل ما أملك. كل شيء من حولي مضى، تجاوزني كما لو أنني لم أكن، وأنا بقيت في مكاني، أحمل عبء أشياء لم أستطع تجاوزها، ولا أملك الجرأة حتى للاعتراف بذلك.
الليلة الأخيرة من ديسمبر، وكل شيء يلفّه الصمت. داخلي حنين يثقل كاهلي، يحمل ملامح وجوه غابت وأحلاماً لم تكتمل. أعود بذاكرتي، أفتش عن لحظات دفنتها الأيام؛ ضحكاتٌ صارت همساً، وكلمات لم تقال
أشعر بالوقت وهو يمر ببطءٍ قاسٍ، كأنه يعاقبني على كل شيء لم أفعله. هناك ثقل يطوقني، ثقل الخيبات التي لم أنجُ منها، والآمال التي تحولت رماداً. أحاول أن أهرب، لكن ديسمبر يحتضنني بقسوته، يُريني كل ما هربت منه.
لا أريد شيئاً من الغد؛ كل ما أرجوه أن ينتهي هذا الليل، أن يطوي الحزن كما يطوي الزمن أوراقه. لكنني أعلم أن هذا العبء لن يزول، وأنني سأحمله معي إلى العام الجديد، كما حملته من الأعوام التي مضت.
أشعر بالوقت وهو يمر ببطءٍ قاسٍ، كأنه يعاقبني على كل شيء لم أفعله. هناك ثقل يطوقني، ثقل الخيبات التي لم أنجُ منها، والآمال التي تحولت رماداً. أحاول أن أهرب، لكن ديسمبر يحتضنني بقسوته، يُريني كل ما هربت منه.
لا أريد شيئاً من الغد؛ كل ما أرجوه أن ينتهي هذا الليل، أن يطوي الحزن كما يطوي الزمن أوراقه. لكنني أعلم أن هذا العبء لن يزول، وأنني سأحمله معي إلى العام الجديد، كما حملته من الأعوام التي مضت.
“عدتُ… لكن شيئًا ما في داخلي لم يعد.”
غبتُ طويلًا، ليس لأنني أردتُ الرحيل، بل لأنني كنتُ أبحث عن نفسي بين الحروف التي كنتُ أكتبها يومًا ولم أعد أعرفها. كنتُ أبحث عن صوتي وسط الصمت الذي التهمني، عن شعور كان يومًا يغمرني، فتلاشى وكأنه لم يكن.
في غيابي، اكتشفتُ أن بعض الرسائل لا تصل ليس لأنها ضاعت، بل لأنها لم تجد من ينتظرها. وأن بعض الكلمات تخرج منا وهي مكسورة، تبحث عن مأوى، لكنها لا تجد إلا الفراغ. أدركتُ أن الصمت قد يكون أحيانًا أكثر ضجيجًا من الكلام، وأننا قد نهرب من الكتابة، ليس لأننا لم نعد نملك ما نقول، بل لأننا خائفون من مواجهة الحقيقة التي ستكشفها الحروف.
عدتُ، لكنني لستُ كما كنت. عدتُ بحروفٍ أثقل، وكلماتٍ أكثر وجعًا، وحقائق لم أعد قادرًا على إنكارها. عدتُ برسائل لم أعد أكتبها لأحد، بل لنفسي، كأنني أحاول أن أُقنعها بأنني ما زلتُ هنا، رغم كل ما فقدته.
فهل ما زال هناك من يسمع؟ أم أنني أكتبُ في فراغٍ لا يعود منه صدى؟
غبتُ طويلًا، ليس لأنني أردتُ الرحيل، بل لأنني كنتُ أبحث عن نفسي بين الحروف التي كنتُ أكتبها يومًا ولم أعد أعرفها. كنتُ أبحث عن صوتي وسط الصمت الذي التهمني، عن شعور كان يومًا يغمرني، فتلاشى وكأنه لم يكن.
في غيابي، اكتشفتُ أن بعض الرسائل لا تصل ليس لأنها ضاعت، بل لأنها لم تجد من ينتظرها. وأن بعض الكلمات تخرج منا وهي مكسورة، تبحث عن مأوى، لكنها لا تجد إلا الفراغ. أدركتُ أن الصمت قد يكون أحيانًا أكثر ضجيجًا من الكلام، وأننا قد نهرب من الكتابة، ليس لأننا لم نعد نملك ما نقول، بل لأننا خائفون من مواجهة الحقيقة التي ستكشفها الحروف.
عدتُ، لكنني لستُ كما كنت. عدتُ بحروفٍ أثقل، وكلماتٍ أكثر وجعًا، وحقائق لم أعد قادرًا على إنكارها. عدتُ برسائل لم أعد أكتبها لأحد، بل لنفسي، كأنني أحاول أن أُقنعها بأنني ما زلتُ هنا، رغم كل ما فقدته.
فهل ما زال هناك من يسمع؟ أم أنني أكتبُ في فراغٍ لا يعود منه صدى؟
ما بعد الثانية ليلاً،
المدينة نائمة، وأنت مستيقظ بثقلك كله.
الهدوء يخيّم على كل شيء، إلا داخلك، حيث الضجيج لا يهدأ.
الفقد في هذا الوقت أكثر حضورًا،
كأن الليل يفسح له المجال ليتمدد داخلك بلا مقاومة.
كأن كل الأشياء التي رحلت تعود لتطرق باب ذاكرتك،
تجلس بجوارك، تُحدّق فيك بصمت،
وتذكّرك كم أصبحت وحيدًا منذ أن غادروا.
تحاول أن تتجاهل، أن تقنع نفسك بالنوم،
لكن الوسادة تعرف سرّك،
وتحمل عنك دموعًا لم تجد من يراها
المدينة نائمة، وأنت مستيقظ بثقلك كله.
الهدوء يخيّم على كل شيء، إلا داخلك، حيث الضجيج لا يهدأ.
الفقد في هذا الوقت أكثر حضورًا،
كأن الليل يفسح له المجال ليتمدد داخلك بلا مقاومة.
كأن كل الأشياء التي رحلت تعود لتطرق باب ذاكرتك،
تجلس بجوارك، تُحدّق فيك بصمت،
وتذكّرك كم أصبحت وحيدًا منذ أن غادروا.
تحاول أن تتجاهل، أن تقنع نفسك بالنوم،
لكن الوسادة تعرف سرّك،
وتحمل عنك دموعًا لم تجد من يراها
كيف ننجو في عالمٍ لا يترك لنا فرصة لالتقاط أنفاسنا؟
نحن الذين نشعر بكل شيء، كأننا أيدٍ عارية تلامس الجمر، لا طبقة تقي، ولا قلب يعرف كيف يغضّ النظر عن التفاصيل الصغيرة.
أشعر قبل أن يحدث الشيء، وأشعر به حين يحدث، وأظل أستشعره بعد أن ينتهي، كأن كل لحظة تمر بي مرتين: مرة بالحياة، ومرة بالذاكرة.
أرهقني هذا الشعور المتضخم، هذا الإدراك المتأهب دائماً، كأن قلبي واقفٌ على أطراف أصابعه لا يهدأ.
أحياناً، أتمنى لو أنني لا أشعر. لا أتفاعل، لا أضعف، لا أرتبك، لا أبكي سراً، ولا أضحك مجاملة.
أتمنى أن أكون مثل الآخرين الذين يمرّون على الأشياء مرور الكرام، لا تهزّهم الأغاني، ولا تربكهم نظرة، ولا تفتح في قلوبهم نافذة لكل وداع.
لكنني لست كذلك، ولا أستطيع أن أكون.
أنا الذي يفيض قلبه لمشهد عابر، ويختنق برسالة لن تصل ، ويرتبك من فكرة لم تُقال.
أنا الذي يكتم مشاعره لأنني أخاف أن أثقل بها على من أحب، فأبدو صامتاً، وأنا في داخلي ضجيج.
ما أصعب أن تكون مشاعرك أكبر من قدرتك على التعبير، وأكبر من طاقة الناس على الاحتمال.
وما أقسى أن تشعر بكل شيء، في وقتٍ أصبح الشعور فيه عبئاً، والبلادة نعمة
نحن الذين نشعر بكل شيء، كأننا أيدٍ عارية تلامس الجمر، لا طبقة تقي، ولا قلب يعرف كيف يغضّ النظر عن التفاصيل الصغيرة.
أشعر قبل أن يحدث الشيء، وأشعر به حين يحدث، وأظل أستشعره بعد أن ينتهي، كأن كل لحظة تمر بي مرتين: مرة بالحياة، ومرة بالذاكرة.
أرهقني هذا الشعور المتضخم، هذا الإدراك المتأهب دائماً، كأن قلبي واقفٌ على أطراف أصابعه لا يهدأ.
أحياناً، أتمنى لو أنني لا أشعر. لا أتفاعل، لا أضعف، لا أرتبك، لا أبكي سراً، ولا أضحك مجاملة.
أتمنى أن أكون مثل الآخرين الذين يمرّون على الأشياء مرور الكرام، لا تهزّهم الأغاني، ولا تربكهم نظرة، ولا تفتح في قلوبهم نافذة لكل وداع.
لكنني لست كذلك، ولا أستطيع أن أكون.
أنا الذي يفيض قلبه لمشهد عابر، ويختنق برسالة لن تصل ، ويرتبك من فكرة لم تُقال.
أنا الذي يكتم مشاعره لأنني أخاف أن أثقل بها على من أحب، فأبدو صامتاً، وأنا في داخلي ضجيج.
ما أصعب أن تكون مشاعرك أكبر من قدرتك على التعبير، وأكبر من طاقة الناس على الاحتمال.
وما أقسى أن تشعر بكل شيء، في وقتٍ أصبح الشعور فيه عبئاً، والبلادة نعمة
أُصادف أشياء كثيرة تشبهني
أغلفة كتبٍ لم تُقرأ رسائل لم تُرسَل
وأحاديث كان من المفترض أن تُقال ولم تُقال.
أُمسك هاتفي أحيانًا لا لأتواصل
بل لأتذكّر كيف كان الصوت حين يأتي من أحدٍ كنت أظنّه دائمًا.
أفتح الصور القديمة
لا لأحنّ، بل لأتأكد أنني كنت هناك فعلًا،
أنني كنت أضحك، أتكلم، أحلم
قبل أن أتحوّل إلى هذا الصمت الطويل.
أنا لا أعود للماضي لأنني عالقة فيه،
بل لأن الحاضر يمرّ بي كما يمرّ الغريب،
لا يسأل، لا يتوقف، لا يُلقي التحية.
أنا لا أبكي،
لكنّ داخلي يشبه نافذة مفتوحة على غيابٍ لا يُغلق.
وكل ما أكتبه…
ليس إلا محاولة للتماسك،
محاولة لأكون بخير دون أن يلاحظ أحد أنني كنت أسوأ من أن أشرح
أغلفة كتبٍ لم تُقرأ رسائل لم تُرسَل
وأحاديث كان من المفترض أن تُقال ولم تُقال.
أُمسك هاتفي أحيانًا لا لأتواصل
بل لأتذكّر كيف كان الصوت حين يأتي من أحدٍ كنت أظنّه دائمًا.
أفتح الصور القديمة
لا لأحنّ، بل لأتأكد أنني كنت هناك فعلًا،
أنني كنت أضحك، أتكلم، أحلم
قبل أن أتحوّل إلى هذا الصمت الطويل.
أنا لا أعود للماضي لأنني عالقة فيه،
بل لأن الحاضر يمرّ بي كما يمرّ الغريب،
لا يسأل، لا يتوقف، لا يُلقي التحية.
أنا لا أبكي،
لكنّ داخلي يشبه نافذة مفتوحة على غيابٍ لا يُغلق.
وكل ما أكتبه…
ليس إلا محاولة للتماسك،
محاولة لأكون بخير دون أن يلاحظ أحد أنني كنت أسوأ من أن أشرح
لم تكن طفولتي دفترًا للرسم، ولا شرفةً تطل على فرحٍ عابر،
بل كانت زوايا مظلمة أتعثّر فيها بخوفي
وكلما فتحتُ يدي لشيء من الأمان
أغلقوا عليّ الباب من جديد.
كبرتُ، نعم، لكن بداخلي طفلٌ
ما زال يرتجف كلما سمع صوتًا عالٍ
وما زال يختبئ خلف الجدران إن لمح ملامح الغضب طفلٌ لم يلعب بما يكفي
لم يُدلّل لم يُحمل على الأكتاف
بل حُمّل على كتفيه كل ثقل الدنيا.
ما زالت أصواتهم تئنّ في رأسي،
تتسلّل مع الليل وتسرق النوم من عينيّ.
وما زالت نظراتهم تربكني في المرآة
كأنني لم أهرب بعد كأنني ما زلت هناك محاصرًا بكلمة مكسورًا بنظرة مطفأةً كشمعةٍ لا يذكر أحد من أشعلها ولا من أطفأها.
أنا لا أنسى
فالنسيان ترفٌ لا يملكه من تربّى على حافة الانهيار.
ذاكرتي ليست صندوقًا أغلقه متى ما أردت بل جدارٌ ضيق أحاول الاتكاء عليه فيسقط عليّ بكل ما فيه
لا يسقط منه سوى لحظات الفرح أما الوجع، فيعلّق نفسه في الزوايا كأنه يرفض المغادرة،
كأنه وُلد ليبقى
بل كانت زوايا مظلمة أتعثّر فيها بخوفي
وكلما فتحتُ يدي لشيء من الأمان
أغلقوا عليّ الباب من جديد.
كبرتُ، نعم، لكن بداخلي طفلٌ
ما زال يرتجف كلما سمع صوتًا عالٍ
وما زال يختبئ خلف الجدران إن لمح ملامح الغضب طفلٌ لم يلعب بما يكفي
لم يُدلّل لم يُحمل على الأكتاف
بل حُمّل على كتفيه كل ثقل الدنيا.
ما زالت أصواتهم تئنّ في رأسي،
تتسلّل مع الليل وتسرق النوم من عينيّ.
وما زالت نظراتهم تربكني في المرآة
كأنني لم أهرب بعد كأنني ما زلت هناك محاصرًا بكلمة مكسورًا بنظرة مطفأةً كشمعةٍ لا يذكر أحد من أشعلها ولا من أطفأها.
أنا لا أنسى
فالنسيان ترفٌ لا يملكه من تربّى على حافة الانهيار.
ذاكرتي ليست صندوقًا أغلقه متى ما أردت بل جدارٌ ضيق أحاول الاتكاء عليه فيسقط عليّ بكل ما فيه
لا يسقط منه سوى لحظات الفرح أما الوجع، فيعلّق نفسه في الزوايا كأنه يرفض المغادرة،
كأنه وُلد ليبقى
إنني لستُ إنسانةً فحسب
أنا زمنٌ مهجور، أنا عمرٌ مضى متكئًا على جدار الصبر، لا يُنادى باسمه، ولا يُسأل عن حاله.
أنا التي تمرّ في المجالس كنسمةٍ خفيفة، لا أحد يشعر بها، ولا أحد يتذكّر متى أتت، ولا متى مضت.
أنا الغائبةُ الحاضرة، الحاضرةُ التي لا تُفتقد، التي إن ضحكت، ظنّوها مبتهجة، وإن صمتت، قالوا: “ما بها؟ غريبة كعادتها”
أنا من كتمتُ أحاديث قلبي حتى اختنقت،
أنا من أطفأت آلاف الحرائق في داخلي كي لا تُحرق غيري، من وقفت على شفا الانهيار، ثم ابتسمت لأطمئن الجميع، من جلست مع نفسها طويلًا تسألها: لِمَ لا يراني أحد؟
أنا التي تُجيد الإصغاء للجميع، ولا أحد يُجيد الإنصات لوجعها.
إنني لستُ إنسانةً فحسب
أنا أُمنياتٌ تاهت، ومشاعرُ لم تجد من يحتويها،
أنا رسائلٌ لم تُكتب، ورسائل كُتبت ولم تُرسل، ورسائل وصلت ولكن لم تُفهَم.
كلّما تمنيتُ احتضانًا، طوّقتُ نفسي بذراعي،
وكلّما أردتُ البوح، ابتلعتُ كلماتي لأنني أعلم أن لا أحد سيحتمل ثِقلها.
أنا من نظرتُ في المرآة كثيرًا لأسأل: “أأنا حقًّا هنا؟ هل ما زال لقلبي نبض؟
أم أنني أعيش فقط لأنني لم أجد وسيلةً أخرى؟
يا من تسمعون،
لم أطلب الكثير لم أُرد الاحتفاء، ولا التصفيق،
كلّ ما أردته نظرة صادقة تُخبرني أنني مرئيّة، أنني لستُ شفّافة في عيون من أحببت،
لكنني مررتُ في لحظاتهم كالريح، لا أحد قال:
انتبهوا، هي هنا أيضًا
إنني لستُ إنسانةً فحسب
أنا ذلك الكتف الذي أسند عليه الجميع تعبهم، ثم غادروا حين وقعت
أنا الدعاء الصادق الذي رفعته لغيري، ثم لم يرفعه أحدٌ لأجلي.
أنا التي لطالما خافت أن يُرهق حزنها من حولها، فخبأته حتى أرهقها هي
ولأني كذلك، صرتُ أمشي ببطءٍ في هذه الحياة، لا أنتظر من أحد شيئًا
صرتُ أضع رأسي على الوسادة كلّ ليلة، وأهمس لنفسي:
كفي لا تنتظري من أحد شيئًا. لم يُخلق الاحتواء لكِ.
أنا زمنٌ مهجور، أنا عمرٌ مضى متكئًا على جدار الصبر، لا يُنادى باسمه، ولا يُسأل عن حاله.
أنا التي تمرّ في المجالس كنسمةٍ خفيفة، لا أحد يشعر بها، ولا أحد يتذكّر متى أتت، ولا متى مضت.
أنا الغائبةُ الحاضرة، الحاضرةُ التي لا تُفتقد، التي إن ضحكت، ظنّوها مبتهجة، وإن صمتت، قالوا: “ما بها؟ غريبة كعادتها”
أنا من كتمتُ أحاديث قلبي حتى اختنقت،
أنا من أطفأت آلاف الحرائق في داخلي كي لا تُحرق غيري، من وقفت على شفا الانهيار، ثم ابتسمت لأطمئن الجميع، من جلست مع نفسها طويلًا تسألها: لِمَ لا يراني أحد؟
أنا التي تُجيد الإصغاء للجميع، ولا أحد يُجيد الإنصات لوجعها.
إنني لستُ إنسانةً فحسب
أنا أُمنياتٌ تاهت، ومشاعرُ لم تجد من يحتويها،
أنا رسائلٌ لم تُكتب، ورسائل كُتبت ولم تُرسل، ورسائل وصلت ولكن لم تُفهَم.
كلّما تمنيتُ احتضانًا، طوّقتُ نفسي بذراعي،
وكلّما أردتُ البوح، ابتلعتُ كلماتي لأنني أعلم أن لا أحد سيحتمل ثِقلها.
أنا من نظرتُ في المرآة كثيرًا لأسأل: “أأنا حقًّا هنا؟ هل ما زال لقلبي نبض؟
أم أنني أعيش فقط لأنني لم أجد وسيلةً أخرى؟
يا من تسمعون،
لم أطلب الكثير لم أُرد الاحتفاء، ولا التصفيق،
كلّ ما أردته نظرة صادقة تُخبرني أنني مرئيّة، أنني لستُ شفّافة في عيون من أحببت،
لكنني مررتُ في لحظاتهم كالريح، لا أحد قال:
انتبهوا، هي هنا أيضًا
إنني لستُ إنسانةً فحسب
أنا ذلك الكتف الذي أسند عليه الجميع تعبهم، ثم غادروا حين وقعت
أنا الدعاء الصادق الذي رفعته لغيري، ثم لم يرفعه أحدٌ لأجلي.
أنا التي لطالما خافت أن يُرهق حزنها من حولها، فخبأته حتى أرهقها هي
ولأني كذلك، صرتُ أمشي ببطءٍ في هذه الحياة، لا أنتظر من أحد شيئًا
صرتُ أضع رأسي على الوسادة كلّ ليلة، وأهمس لنفسي:
كفي لا تنتظري من أحد شيئًا. لم يُخلق الاحتواء لكِ.