منذ الصباح، إطلاق نارٍ لا يتوقف، قصفٌ مدفعي، طيرانٌ حربي يحلق في الأجواء..هؤلاء لا عهد لهم ولا ذمةً والله.

كل اللهفة للعودة لغزة انطفأت هذه المرة ولم تكن كالسابق. ولست بحاجة لكثير تدبر لتعرف السبب: في هدنة يناير كان لدى كل منا بيت أو بقايا بيت قابل للإصلاح، أو مكان عند قريب أو حبيب سلم من القصف، أو منطقة لم يحرقها المغول وما زالت صالحة للعيش. كل هذا لم يعد متوفراً اليوم، ما بقي في القلب إلا حب غزة الذي لا يخبو ولو للحظة...لأنها غزة، أجمل ما في الوجود وأغلى ما نملك.

- محمود أحمد.

نحنُ مدينون لكُل حُرٍ شريفٍ وقف إلى جانبنا في مأساتنا، سواءً بالكلمة أو بالموقفِ أو بالمال..مدينون لكل شخصٍ كانت غزة بوصلته، مدينون لكل من حمل همها في قلبه، ورفع صوتها في المحافل، واعتبر جرحها جرحه..مدينون لأولئك الذين لم يساوموا على دمنا، ولم يُبدلوا بوصلتهم يومًا، فبقوا على العهد أوفياء، وعلى طريق الكرامة ثابتين.

(انسحاب)..هذه الكلمة وحدها كفيلة بأن تغرس الطمأنينة في القلب الغزي.

المحلات والتجار والناس الوسخة الي افترت واستغلت في الحرب..خلوهم في بالكم منيح..خلصت الحرب واجا وقت مقاطعتهم ولعن شرفهم في الأيام القادمة..اليوم الخيارات كتيرة إن شاءالله والخير جاي.

بإذن الله، عندما تتحسن آلية السفر سأزور مصر إن شاءالله فترة نقاهةٍ لغسل أدران الحرب من أجسادنا.

يعني جهزوا الحمام المحشي والخرفان والقصص هاي.

راح أجيب أي ذكرى من ديرالبلح لشخصية في مصر..يعني من باب زيارة الرحم بسبب تباعد المسافات.

العودة إلى غزة تكون مشيًا على القلب وليسَ على الأقدام.

ص٣٥٠.

من ظن أن الحرب على غزة قد توقفت فقد أخطأ، بل إنها تبدأ الآن، لكنها حرب من نوع آخر، أشد فتكاً من حرب القنابل والصواريخ !!
‏فالناس في غزة الآن قد رجعوا إلى مدينة ممسوحة، وأحياء خاوية، وبيوت مدمرة، فلا مساجد، ولا مدارس، ولا جامعات، ولا مشافي، ولا طرقات، حتى المخابز والأسواق، بل والماء والكهرباء، وهي أبسط مقومات الحياة غير موجودة !!
‏فطوبى لمن وقف معها، وكان سنداً لها، ولم يدر وجهه عنها، ولم يتركها، حتى ولو بالدعاء وذلك أضعف الإيمان !!

- جهاد حلس.

اجبروا قلوب أهل غزة بحكمة المؤمنين، ولا جبر إلا من الله، بعيدًا عن أي شعارات رنانة يترفع عنها ذوو الثغور أنفسهم، فالنزوح ابتلاء، والعودة ابتلاء، والحرب ابتلاء، وتوقفها ابتلاء؛ ينازع بعضها بعضا.

تحدث معي أكثر من شخصٍ وطلب مني أن أكتب في هذا الموضوع، موضوع التكاليف التي يتكبدها المواطن الغزي أثناء نزوحه أو عودته إلى مكانه ومسقط رأسه..الحقيقة أن الحرب لم تترك لنا شيئًا إلا وأخذته، استنزفتنا حتى العظم، أفرغت جيوبنا، وأفلستنا.

لقد استنزفتنا الحرب ماديًا، جعلتنا نعيش على الديون والمعونات، وأفلسنا جميعًا..ما بين النزوح والعودة يظل الغزي يدفع ثمن الحياة مرتين..مرة وهو يخرج مذعورًا، ومرة وهو يحاول أن يعيد بناء ما تبقّى من حياته.

لأجل هذا لا تتركوا الغزي وحده، قِفوا جانبه، أطلقوا مبادرات لتسهيل حركة عودتهم واعانتهم على ذلك.

لكن للأسف، لا يوجد لي بيتٌ لأعود له، لقد تم تجريفه بالكامل.

نحن نسأل..من يعيد لنا الرفاق؟!..لكن الحقيقة أن الرفاق رحلوا إلى حيث لا عودة، إلى حيث الخلود والسكينة..هم الآن في حواصل طيرٍ خضر، يسرحون في الجنة حيث الأنهار، في مقعد صدقٍ عند مليك مقتدر..لا يلتفتون إلى دنيانا المثقلة بالقهر، ولا يأبهون بالرجوع إلى ترابٍ زائلٍ بعد أن مُنحوا جنانًا عالية..فكيف يتركون النعيم ليعودوا إلى دنيا الألم؟!.

هديتي لكم بمناسبة انتهاء الحـرب..❤️

نحن في غزة ما زلنا نعيش حالة صدمةٍ كبيرة من الأهوال التي مررنا بها، وما زلنا عاجزين عن استيعاب ما جرى أو كيف يمكن أن نبدأ من جديد..لكن الخطوة الأولى الآن هي استعادة الأنفاس؛ أن ينام الناس نومًا عميقًا بعد ليالٍ من الخوف، وأن يتناولوا وجباتٍ غذائية كافية تعيد للجسد بعض قوته، وأن يُعالج كل مريض أو مصاب قبل أن تتفاقم حالته.

ثم تأتي عودة الحياة كأولوية لا تقل أهمية، وعلى رأسها عودة الطلبة إلى مدارسهم وجامعاتهم في أسرع وقتٍ ممكن، رغم صعوبة التحدي. فالعِلم هو الحياة، وهو أول ما ينبغي أن يُعاد بناؤه، وعلى وكالة الغوث "الأونروا" أن تضطلع بدورٍ كبير ومحوري في هذا المسار.

وفي موازاة ذلك، لا بد من التحرك السريع لتوفير أماكن للإيواء والمبيت، عبر دعمٍ عاجل لتوريد كمياتٍ ضخمة من الخيم، فآلاف الأسر ما زالت بلا مأوى. والشتاء على الأبواب، لذا يجب العمل الفوري على توفير الملابس الثقيلة والأدوات اللازمة لمواجهة البرد القارس.

كما يجب أن تتوافر الأدوية، وحليب الأطفال، وخدمات الدعم النفسي خصوصًا للأطفال، ثم للشباب والنساء وكبار السن الذين عاشوا أهوال الحرب والنزوح..فالجرح النفسي لا يقل قسوة عن الجرح الجسدي.

ومن الضروري أيضًا استئناف عمل المخابز، ورفع القدرات الاستيعابية للمستشفيات، والعمل على تدشين محطة كهرباء جديدة تضمن الحد الأدنى من الاستقرار الطاقي.

كذلك، يجب إدخال الغاز وغاز الطهي فورًا، وتوحيد صفوف العشائر والمخاتير لمعالجة أي توتراتٍ أو مشكلاتٍ اجتماعية خلفتها الحرب.

ولا يمكن إغفال الجانب الاقتصادي، فلابد من ضخ سيولة نقدية كافية، لأن الناس فعليًا لا يملكون شيئًا، ولا يمكن إعادة الحياة دون مالٍ يتحرك في السوق.

بعد تحقيق هذه الأولويات، يمكن الانتقال إلى ملف التجار والمبادرين وتجار العملة الذين جمعوا أموالًا كبيرة خلال الأزمة، لمناقشة دورهم ومسؤوليتهم في إعادة إعمار ما تهدم ودعم المجتمع اقتصاديًا واجتماعيًا.

إنها خطة نجاةٍ وإنعاشٍ في آنٍ واحد، تبدأ من الإنسان وتنتهي ببناء المجتمع من جديد، خطوةً بخطوة، وبقلبٍ واحدٍ نابضٍ بغزة.

حتى اللحظة، أنا تائهٌ وغير مُصدِّقٍ أن الحرب فعلًا قد انتهت!!.

إلى طفلتي مريم..❤️

المرحلة الحالية والقادمة هي الأصعب والأكثر حاجة للتكافل .

غزة اليوم خارجة من حربٍ أنهكتها، بلا وظائف، ولا بيوت، ولا مصادر رزق، بعد أن فقد الناس كل شيء تقريبًا، وارتفعت الأسعار بشكلٍ غير مسبوق .

في مثل هذا الوقت، لا يجوز أن تُترك غزة وحدها تواجه البرد والجوع والدمار.

كل من يستطيع أن يمدّ يد العون — ولو بكلمة، أو بدعمٍ بسيط، أو بمبادرة صغيرة — فليفعل.

ليست المساعدة حكرًا على الأغنياء، بل على كل قلبٍ يشعر بالمسؤولية.

فما بعد هذا الألم، يجب أن تكون البداية جديدة، يشارك فيها الجميع، ليعود الضوء من بين الركام.