➖أمّا المُتّقِي فالأَفضلُ عِندَه اعتِدالُ الخَوف والرّجاء، ولذلِك قِيل: لو وزن خوفُ المُؤمن ورجَاؤُه لاعتَدَلا.

فإنْ قِيل: كَيف اعتِدَالُ الخَوفِ والرَّجاء في قلبِ المُؤمِن وهُو على قدمِ التّقوى؟ فينبغِي أن يكُون رجاؤُه أقوى.
فالجواب: أنّ المُؤمِن غَير متيقّن صِحّة عمَلِه، فمِثلُه مِثل منْ بذرَ بذرًا ولَم يُجرّب جِنسَه في أرضٍ غرِيبة، والبذرُ الإِيمان وشُروط صحّتِه دقِيقة، والأَرضُ القلب وخفايَا خُبثه وصِفاتِه منَ النِّفاق وخبايَا الأخلاَق غامِضة، والصّواعِق أهوالُ سكرَات المَوت وهُناكَ تضطرِبُ العقائِد وكُلّ هذَا يوجِبُ الخَوف علَيه.
وأمّا عِندَ نُزولِ المَوتِ= فالأَصلَحُ للإِنسَان الرَّجاء لأنّ الخَوف كالسّوط الباعِث على العَمل وليسَ ثمّة عملٌ، فلا يَستَفيدُ الخائِفُ حينئِذٍ إلاّ تَقطِيع نِياط قلبِه، والرّجاءُ في هذهِ الحال يُقوّي قَلبه ويُحبّب إليه ربّهُ، فلا يَنبغِي لأحدٍ أن يُفارِق الدُّنْيَا إلاّ مُحِبًّا لله تعالَى مُحِبًّا للقائِه حَسنُ الظنّ بِه.

📎📖|مُختصر مِنهاج القاصدين لابن قدامة -رحمه الله-.

•الخوفُ منَ الله تعالَى على مقامَين:

-أحدُهُما: الخَوفُ مِنْ عذابِه= وهذَا خوفُ عامّة الخَلق وهُوَ حاصِلٌ بالإِيمان بالجنّة والنَّار، وكونُهما جزاءيْنِ على الطَّاعَة والمَعصِية، ويضعُف هذَا الخَوف بسبَبِ ضُعفِ الإيمانِ وقُوّة الغَفلة.
(وزوالُ الغَفلة يحصُلُ بالتّذكُر والتّفكُّر في عذَابِ الآخِرة ويزِيدُ بالنّظَرِ إلى الخائِفين ومُجالَسَتِهِم أو سماعِ أخبارِهم).

-الثّانِي: الخوفُ من الله تعالَى= وهُو خَوف العُلماء العارِفِين، وصِفاتُه سُبحانَه تَقتَضِي الهَيبَة والخَوف فهُم يخافُون البُعد والحِجاب... ومَنْ قصَّر فسبِيلُه أنْ يُعالِج نَفسَه بسماعِ الأَخبارِ والآثَار فيُطالِع أحوالَ الخائِفِين وأقوالهم، ويَنسب عُقُولهم ومناصِبهم إلى مناصِب الرَّاجِين المَغرُورِين فلا يتمَارَى في أنّ الاقتِداء بهِم أولَى لأنّهُم الأَنبِياءُ والعُلمَاء والأَولِياء.

📎📖|مُختصر مِنهاج القاصدين لابن قدامة -رحمه الله-.

•قال أبُو الدّرداء-رضِي الله عنه-: "ما أحدٌ أمِنَ على إِيمانِه أن يُسلبَه عِندَ المَوتِ إلا سُلِبه".

•لمّا حضَرت سُفيان الثّورِي الوَفاة جعلَ يبكِي، فقالَ لهُ رجُلٌ: يا أبَا عبدِ الله. أراكَ كثِير الذّنُوب، فرفعَ شيئًا مِنَ الأرضِ وقال: "واللهِ لذُنُوبي أهوَنُ عندِي مِنْ هَذا، ولكِن أخافُ أنْ أُسلَب الإِيمَان قبلَ المَوت".

➖قالَ الإمامُ ابنُ قُدامَة -رحمهُ الله-:
فإذَا كانَ هذَا خوفُ العارِفين منْ سُوءِ الخاتِمة معَ رسُوخِ أقدَامِهِم، فكيفَ لا يخافُ ذلِك الضّّعفاء؟
ولِسُوء الخاتِمَة أسبابٌ تتقدَّمُ علَى المَوت مِثل البِدعَة والنِّفاقِ والكِبر، ونحوِ ذلِكَ منَ الصِّفاتِ المذمُومة، ولذلِكَ اشتدَّ خَوف السّلَف منَ النِّفاق، قالَ بعضُهم: لو أعلَمُ أنِّي برِيءٌ من النِّفاق كانَ أحبّ إلَيّ ممَّا طلَعت عليْهِ الشَّمس.
ولم يُرِيدُوا بذلِكَ نِفاقَ العقائِد إنّما أرَادُوا نِفاقَ الأَعمال كما وردَ في الحَدِيث الصّحِيح.

📎📖|مُختصر مِنهاج القاصدين لابن قدامة -رحمه الله-.

•سُوء الخاتِمة على رُتبَتَين:

-إحداهُما: أعظم= وهيَ أنْ يَغلِب على القَلب والعِياذُ بالله شكٌّ أو جحُودٌ عنْدَ سكَراتِ المَوت وأهوالِه فيَقتَضِي ذلِك العذابُ الدّائِم.
-الثانِية: دُونها= وهِي أنْ يَسخط الأَقدَار ويتكلّم بالاعتِراض، أو يجُور في وصِيّتِه أو يمُوت مُصِرًّا على ذنبٍ مِنَ الذُّنُوب.

➖والأسبابُ التّي تُفضِي إلى سُوء الخاتِمة لا يُمكِنُ انحِصارُها على التّفصِيل ولكِن يُمكن الإِشارَة إلى مجَامِعِ ذلِك، إمّا الخَتم على الشّكِّ والجُحُود فسببهُ البِدعة ومعناهَا أنْ يَعتقِد في ذاتِ الله تعالَى أو صِفاتِه أو أفعالِه خِلاف الحقِّ إمّا تقلِيدًا أو برَأيِه الفاسِد، فإذَا انكَشفَ الغِطاءُ عِندَ المَوت بانّ لهُ بُطلان ما اعتَقَده.

📎📖|مُختصر مِنهاج القاصدين لابن قدامة -رحمه الله-.

{قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إلا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هو مَوْلانا وعَلى اللَّهُ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ}.

الحمد لله الحمد لله الذي كتب له عمرا جديدا، الحمد لله على لطفه بنا، ونعمه التي لا تعدّ ولا تحصى.. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه.

"كلُّ عتمةٍ داخِل القلبِ أمرُها عسِير"
"وكُلُّ عتمةٍ خارجَ القلبِ أمرُها يَسِير."

-اللّهُمّ طمأنِينة تُعانِق القَلب.. 💧

أيامٌ فُضلى! 🎊

•عن أنسٍ بن مالك -رضِي الله عنه- قال: «كانَ يُقال في أيَّام العشرِ بكلِّ يومٍ ألف يومٍ، ويوم عرفَة بعَشرة آلاف يومٍ. يعني: في الفَضل».

📎📖: التَّرغيب والترهيب، المنذري -٢/٢٠٠-.

•قال ابن عبّاس في تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَاذكُرُوا اللَّهَ في أَيّامٍ مَعدوداتٍ﴾ [البقرة: ٢٠٣]
«أي: أَيَّامُ الْعَشْرِ»، وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيّام العشر يُكبّران ويكبّر الناس بتكبيرهما..

📖: [أخرجه البخاري معلقًا].
_

➖إنْ كان ذِكر الله مُستحبًا سائِر الأوقات؛ فهُو في هذه العَشر الفضِيلة آكد، والحِرصُ عليه أوجَب، وحسرة فواتِه على النَّفس أشَد، ومَا مِن ذِكرٍ يوازي فضلَ التَّكبِير والتّهليل والتَّحمِيد؛ فأكثِروا بِها وتواصَوا.🌱

🟣 التَّكبيرُ في عَشرِ ذي الحِجَّةِ يَملأُ الأفواهَ والقلوبَ بتعظيمِ اللهِ وإجلالهِ وتوحيدِه، ويُورِثُ العبدَ صِدقَ الإقبالِ على ربِّه، والتَّعلُّقَ به، فاطلبوا هذا المَعنَى في تكبيرِكم اللهَ فيها.

🟡 (الله أكبر) - لمن وعاها - هي برد اليقين بأنَّ الأمر كلَّه لله ربِّ العالمين، فإذا نزلت بك ملِمَّة، أو علتك مهمَّة، أو ضاقت بك ضائقة، أو حالت دون مرادك عائقة؛ فتذكَّر أنَّ (الله أكبر)، وكلَّ من دونه - وإن كان كبيرًا - فهو أصغر وأصغر.

نصيحةٌ لي ولكِ💡

متضيّعيش الأيام الباقية من العَشر، اقعدي مع نفسك اليومين هادو، معاك مُصحفك، وكتاب، وخلّيك من فضول الأشياء، وأكثرِي من ذكر الله والعمَل الصالح.
وإذا كنتِ تتدارسي كتاب أو مُشتركة في برنامج، ما تحبسي حتى حاجة لأنّ هذا من ذكر الله جل جلاله.
ولو شفتي أنّ زحمة العمل الصالح تُشتتك، اقتصري على أكثر أعمال تؤثر في قلبك والزميها.
وليكُن همّك الأول والأخير صلاحُ قلبك ونفسك، ورضا الله عز وجَل عنك.
ومتنسايش أنّ الفرائض مُقدمة على كل ما سواها.
وإذا لقيتي أحد منشغل بعمل مفضول غير اللي أنتِ منشغلة به وهو فاضل، وكان هو يشوف صلاحه في المفضول هذا، اتركيه لأن المفضول  في حقّه هو الفاضل.

ومتنسايش إخوانك وأخواتك من الدّعاء.. وهادا ماكان 🌷

•قالَ رسُولُ الله صَلّى اللهُ عليه وسلّم: [خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أَنا والنّبيون مِن قبلي: لا إِلَه إِلا اللهُ وحدَه لاَ شَريكَ لَه، لهُ المُلك ولَهُ الحَمد وهُو على كُلّ شيءٍ قديرٌ].
📎📖:أخرجَه التّرمذي وقال الألبانِي حَسن.

➖قال ابنُ تيمية -رحمهُ الله-: فجُمِع في هَذا الحديثِ بين أَفضلِ الدُّعاءِ, وأَفضلِ الثناءِ, فإِنّ الذكرَ نوعان: دعاءٌ وثناءٌ - أي: عِبادةٌ ومِسألة -, فقال: أَفضلُ الدُّعاءِ دُعَاء يومِ عَرفة, وأَفضلُ ما قلتُ هَذا الكلاَم, ولم يقُل: أَفضلُ ما قُلت يَوم عرفة هذا الكلام, وإِنّما هو أُفضَلُ ما قلتُ مُطلقا.
📖: المجموع.
_________

• وهذَا الدّعاء هُو من أذكارِ الصّباح, قالَ صلّى الله عليهِ وسلم: مَن قال: لاَ إِله إِلاَّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، لهُ الملكُ وله الحَمد، وهُو على كل شيء قدير في يومٍ مائة مرة، كانَت له عدلَ عَشر رقاب، وكُتِبَ له مائة حسِنة، ومُحِيتْ عنهُ مائة سيئة، وكانَت له حِرزا من الشَّيطان يومه ذلِك حتَّى يُمسي، ولم يأتِ أَحدٌ بأَفضلَ ممّا جاء, إِلاّ رجلٌ عمل أَكثَر منه. [متفق عليه]. =فالزِّيادة على المِئة في هذَا اليَوم فضلُها عَظِيم.

عِيدُ أضحَى مُبارك سعِيدٌ، تقبّل الله مِنّا ومنكُم..🎉🎈

•أن تبقى رقيقًا مُبتسِمًا بعد الأَلم… تلك هي الشّجاعة التّي لا تعلّمها المعارك.🌱

💭

•هُناك أوجاعٌ لا تأتي لتكسرك، بل لتُعيد تشكيلك من جديد.. في البداية= تظنّ أنّ الألم عدوّك، شيئًا يحاول انتزاعك من ذاتك، لكنّك تدرك لاحقًا أنّه كان معلّمك الصّامت، الّذي قادك نحو نسخةٍ أكثر وعيًا منك.

كلّ ندبةٍ في روحِك وجسدِك تحمل درسًا، كلّ خيبةٍ زرعت فيك بصيرة، وكلّ سقوطٍ جعل نهوضك أكثر ثباتًا..
لا يُعلّمك الفرح شيئًا كما يفعل الألم، فبفضله تتعلّم الصّبر، تفهَم المعنى الحقيقيّ للقوّة، وتُدرك أنّ النّضج لا يأتي بالسّنوات فقط، بل بالأوجاع الّتي تقبّلتها دون أن تدعها تُفسد نقاءك.

وفي النّهاية.. تكتشف أنّ الألم لم يكُن عقبة، بل طريقًا، وأنّك لم تخرُج منه ضعيفًا، بل إنسانًا يعرف نفسه أكثر.. يمضي في الحياة بعينين أكثر حِكمة، وقلبٍ قد عرف معنى الصّمود بفضلِ الله عز وجَل.

مُقبلون بإذن الله تعالى على ساعَة استِجابة!

دعواتُكم بالشّفاءِ لنا ولمرضى المُسلمِين أجمعِين.

وجزاكم الله خيرا🌱