Telegram Web
الحُزن يكونُ على وجهين :

حُزنٌ عارِضٌ يذهبُ بالبشارة والسرور لأنَّ خِلاف الشيء أدعى لدفعه، وكذا يذهبُ مع جرَيان الأيَّام ..
وحُزنٌ كامِنٌ ترى صاحبه يغدو مع الناس ويجيء لكنَّه طاوٍ عليه فهذا لا يُروِّحُ عنه إلَّا حُزنٌ مثله ..

وكم ترى من امريء تُشجيه أطلالٌ لا يعرفها، وتُذكِّرُه المغارِبُ بشيء، ويخفِقُ إن رأى شبَهًا، وهذا النوع ليس من ما يُنكَر لأنَّ الأفئدة ليست واحدة والطباع مُختلِفة ..

واللهُ يهمِي عليكم أُنسَ الأيام، ويزيدكم في الزمان غِبطةً، ويُريكم من الأحوال وجه السرور ..
_
واكف
"ولكنِّي أجدُ هذا القلبَ المُعَنَّى لا يزال يخفقُ بالذكرى، أفأنتَ منكرٌ عليَّ يا عمر أنْ أذكرها نسيمًا رَفْرَفَ بين الجوانحِ والقلب؟ أنَّى لي أن أَلوِيَ النفس عن آثارها، وما أكاد أرى شيئًا إلا خِلتُه يحدِّثني حديث الثاكِل: أنينٌ وحنينٌ، فأين المهرب؟"

- محمُود شاكر.
"لقد طال الفراقُ بآلِ نُعمٍ
ألا تبّت مواعيد الفراقِ

‏كأني حين أذكر ما تقضى
‏ عراقيّ يحن إلى العراقِ."
إن الذين يطول بلاؤهم؛ يضعُف شعور أكثر الناس بهم.

الأسرى إذا طال حبسُهم، المطارَدون إذا طال شَعَثُهم، المرضى إذا طالت أسقامُهم، المكتئبون إذا طال غمُّهم، المساكين إذا طال عَوَزُهم؛ أطيلوا أنفاس نفوسكم فيهم يَطُلْ فيكم عونُ الله، قد أفلح المواسون.

اللهَ اللهَ لا تألفوا آلام المتعبين؛ الأيامٌ دُوَلٌ والليالي حُبَالَى.

-حمزة أبو زهرة.
«ولولا أنّ موتك كان اختياراً منك لجُدنا لموتك بالنفوس، ولولا أنك نهيت عن البكاء لأنفدنا عليك ماء الشؤون، فأمّا ما لا نستطيع نفيه عنّا فكمد وإدناف يتحالفان ولا يبرحان. اللهم فأبلغه عنا السلام، اذكرنا يا محمد عند ربّك، ولنكن من بالك؛ فلولا ما خلّفت من السكينة لم نقم لما خلّفت من الوحشة؛ اللهم أبلغ نبيّك عنا واحفظه فينا.»

-أبو بكر الصدِّيق -رضوان الله عليه- في يوم وفاة النبيّ ﷺ.
"المُوت مرّة توقعت لكن خطِيت
هاي بغيابك الموتَة الخامسة."
"بكِ ما بنا لكِن على مضضٍ
تتجلّدين وما بنا جلدُ."
"وإني لأستحيي من اللهِ أنْ أُرى
كثيرَ التشكّي مِن همومٍ قلائلِ

وأنَّ حقيراتِ الجراحِ تَهِيضُني
وغزةُ تشكو مِن جراحٍ جلائلِ"

-أيّوب الجهني.
"يا للمسافاتِ تنهانا وتأمرنا
من فوّضَ الأمرَ هذا للمسافاتِ؟"

-محمد الدمشقي
"كلما خَطرَ بذهني أو مَرَّ بي قولُ الرافعي: "أيها القلبُ المسكينُ، أين أذهبُ بك؟!" يَمورُ قلبي مَورًا، وأُحِسُّ كأن فؤادي هواءٌ!

كلمةٌ بسيطةٌ مَخزونٌ فيها شعورٌ هائلٌ، لو قُدِّرَ له أن ينفجرَ لَكان شيئًا فَتَّاكًا يهابُه العالَمُ!

بالأمسِ مررتُ على نقلٍ لدستويفسكي، نقله الأستاذ فايز محمد، وفيه:
"هل تدركُ يا سيدي العزيز، هل تدركُ ما معنى ألا يعرفَ الإنسانُ إلى أين يذهب؟
لا.. إنك لا تستطيع أن تدركَ هذا!"

تظنها كلمةً هيّنة؟!
إنها جملةٌ تُشِعُّ حرارةً، بل نارًا، لا يُحسُّها إلا مَن يُعانيها.

وبالأمسِ القريب، قرأتُ نقلًا لـ"ريلكه" لم يكن حرفًا، بل كان حَرقًا:
"احترسْ أيها التائهُ، فالطريقُ تسيرُ هي أيضًا"!

اللهم ربَّنا، هادي الحَيَاري في ظُلُمات الحياة، اهدنا إليك صراطًا مستقيمًا.
اهدني لأرشَدِ أَمري واعْزِمْ لي عليه، وأعوذ بك مِن شَرِّ نفسي."
الأثِير: محمد أحمد.
«لو لم يكن للألمِ مزيّة سوى إشعال حاجة روحك للمعنى، لكفته. فيعيد الألم المؤمنَ لبحبوحةِ إيمانه كتذكيرٍ له بحاجته القصوى لملئ روحه، بضرورة عودته للإله؛ يهمسُ في أذنه مذكرًا: من أنت دون الغاية الكبرى؟ فيعود ليملأ جوع روحه بمعنى وجودِه الذي لم يكن ليلتفت إليه حال رخائه، لولا الألم»
"أحِب لفظَ "الرّوح"، فإنه لا يأتي إلا فِي موضعِ الخيرِ واللطفِ والرأفَة، عكس القلب فإنه يرقّ ويقسو، ثم إنّكَ لا تفهم منها إلا أنها تجعلُ الشيءَ معها حيًا. ثم تقف مطمئنًا صابرا عند قوله: "ولا تيأسُوا مِن روح الله"، يا ولي الصابرين.."

-محمّد الخفاجي.
Forwarded from هـُدهُـد
حتّى القريب أقول في سرّي، ليس الأسد أشجع الحيوانات، بل حصان الفارس الشّجاع هو الأشجع، يكرّ، فلا شيء يثنيه، لا الكرّ المضاد ولا السّهام ولا الرّماح ولا السّيوف التي تحصد الرؤوس.
بعد وقوفي مع خمس آيات من القرآن الكريم، آمنتُ وجهرتُ بما كنتُ أسرّه في نفسي، وإنّها لأبلغ ما قرأتُ في وصف خيل الفرسان على الإطلاق!


﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا﴾ صوت أنفاس الخيل وهي تجري مسرعةً.
﴿فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا﴾ في عبورها السّريع على الحصى والصّخور، تخرج النار شررًا بحوافرها كأنّه البرق.
﴿فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا﴾ تغير على العدو عند إصباحه.
﴿فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا﴾ هيّجن في إغارتهن غبارًا لا يُشق.
﴿فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا﴾ لا كرّ ولا فرّ، إنّما سهام ارتشقن دفعة واحدة، فصرن في وقت الصّبح في قلب العدو، ينصفن جمعه نصفين.

لو أن امرأ القيس أدرك سورة العاديات، لخجل من قوله:
«مِكرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدْبِرٍ معًا
كجُلمودِ صخرٍ حطّه السيلُ من علِ».

أو قوله في سما لك شوق:
«كَأَنَّ الحَصى مِن خَلفِها وَأَمامِها
إِذا نَجَلَتهُ رِجلُها خَذفُ أَعسَرا»

الله! كم هذا البيت ركيك أمام عبارة «فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا»!
فرق عظيم، أن ترى خلفها، تطاير الحصى أو شرر النّار!

«قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للشّاعر لبيد بن ربيعة: أنشدني شيئا من شعرك. فقال: ما كنت لأقول الشعر بعد إذ علمني الله البقرة وآل عمران».
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
وآنه منِ المتَانات مَا توب ! ):
لا شيء مؤلم كالشتات .. كالتعلق بالمنتصف .. كالتأرجح الدائم بين قرارَين!

هذا الإنسان الذي فعلَ وصنعَ، واحتلَّ واخترعَ، وتفننَ وأبدع، هو ذلك المخلوق الواقفُ بِعَتَبَةِ نفسه، الضعيفُ في أمرِ قلبه!

إذا دَهمَهُ سيلٌ من الحوادث ربما سبحَ ونجا، ولكنه في كوبٍ من الشتاتِ يَغرق!

-عِماد الدين علي.
شگد جنت أبجي عليها ! ):
"يرى جارهم فيهم نحيفًا، وضيفهم
يجوعُ.. وقد باتُوا مِلاء المذاخرِ."
"تذكّرت شملًا ماضيًا فبكيته
وإنّ البكا حقٌّ إذا ذُكِر الشملُ."

-محمّد صدام السّامرائي.
"كنت أرّدد دوما : الحُبُّ على قدرِ الحِبّ والمحبوب
وأُطلقها بلفظها هكذا غير أنّ معناها في قلبي لا يبرحه ولا يتجاوزه!
ولو حاولتُ لضاقت بي العبارة حتى يحسّها من أقولها له بقلبه فقط!

فإذ بي اليوم أسمعُ قولةً لابن عطاء الله حين سُئلَ عن الحبّ فقال: أغصانٌ تُغرَسُ في القلب، فتُثمرُ على قدر العقول!

قلت: الله أكبر! هو ذا واللهِ، فإنّ المرء يشعر بصدره يتّسع كلما رحُب عقله، وقد يكونان كلاهما موقوفان بالجملة على معاني المحبوب وذاته.
فتشعرُ أنّك بالحبّ جُبتَ المهاد والوهاد، وأنت في مكانك لا تبرح! وليس السرّ في المحبوب وحده بل قابليّة نفسك لتلقّيه والانشراح به.
فتكونان كلاكما سرّا من أسرار الحياة المطويّة لا يُعرف حدّه، ولا يدرى كنهه.

فكيف لو كان المحبوب هو الله -تباركت أسماؤه وتعالت صفاته- وهو لا يحدّه حدٌّ ولا يحيط به مدى!
اللهم ارزقنا حبّك وحقّقنا في مراتب الحبّ والشهادة."
-أُمَيم سُهيل.
2024/06/15 21:53:49
Back to Top
HTML Embed Code: