"وكان عديٌّ بْنُ حَاتِمِ يفتُّ الخبز للنمل، ويقول: إنهنَّ جارات ولهنَّ حقٌّ".

-النوويُّ، التهذيب."

في التَّعَفُّف وعِزَّة النَّفْس...!

خرج قيسُ بن زُهَيْر- رئيس قبيلة عبس- في زمن الجَدْب مُمْتَرًا- أي خـرج يطلب المِيرَة وهـي الطَّعـام- فبَصُرَ بنارٍ فأمَّها- أي قصـدها-، ثم أبَتْ نفسُـه ذُلَّ المسألة، فصار إلى شجرة ذات سُمٍّ فأكل مِن ورَقِها، ثم مال إلى الوادي فنام في الشمـس ومـات."

- ربيع الأبرار - لِلزَّمخشري."

” حُكِيَ أنَّهُ دَخَلَ أصبَهَانَ مُغَنٍ كانَ يَتَغنَّى بِهذَينِ البَيتَين:

سَمَاعاً يا عِبادَ الله مِنِّي
وكُفُّوا عَن مُلاحظَةِ المِلاحِ

فإنَّ الحُبَّ آخِرُهُ المَنَايا
وأَوَّلُهُ شَبيهٌ بِالمُزاحِ“

- ديوانُ الصَّبابة ابنُ حَجَلة التّلمِساني."

قال مَحمودُ بنُ مَروانَ بنِ أبي حَفصةَ يصِفُ جارِيةً:

لَيسَتْ تُباعُ ولَو تُباعُ بِوَزنِها
دُرَّاً بَكى أسَفَاً عَلَيهَا البائِعُ

-الشَّكوى والعِتاب - أبو مَنصور الثَّعالبي."

يُروَى أنَّ جَرَّةً هَوَت على رَأسِ يَزيد بنِ المُهلَّب فَلَم يَتَوَقَّها، فقالَ لَهُ المُهَلَّب: حَفِظتَ الشَّجاعةَ مِن حَيثُ ضَيَّعتَ الحَزم!."

- الفاضِل - المُبَرِّد."

" كانَ لِرَجُلٍ غُلامٌ مِن أكسَلِ النَّاسِ، فأمَرَه بِشِراءِ عِنَبٍ وتِين، فأبطَأَ حتَّى نَوَّطَ الرُّوحُ، ثُمَّ جاءَ بإحداهُما فقط، فضَرَبهُ الرَّجلُ وقال:
يَنبغي لكَ إذا اِستَقضَيتُكَ حاجةً أن تَقضيَ حاجَتَين!
ثُمَّ مَرِضَ الرَّجُلُ يوماً، فأمَرَهُ أن يَأتيهِ بِطَبيبٍ فجاءَ بهِ وبِرَجُلٍ آخَر، فسَألَه الرَّجُلُ فَقالَ له:
أمَا ضَرَبتَني وأمَرتَني أن أقضيَ حاجَتَينِ في حاجة؟ جِئتُكَ بطبيبٍ يداويِكَ، فإن لَم يُفلِح، حَفَر هَذا قبرَك.“.

- الشَّكوى والعِتاب - أبو مَنصور الثَّعالبي."

نَوَّطَ الرُّوح: أضجَرَ."

عن مالك بن أنس قال: بعث أبو جعفر المنصور إليّ وإلى ابن طاوس؛ فأتيناه فدخلنا عليه، فإذا هو جالس على فرش قد نضّدت، وبين يديه أنطاع قد بسطت، وجلاوزة «١» بأيديهم السيوف يضربون الأعناق، فأومأ إلينا أن اجلسا، فجلسنا. فأطرق عنا طويلا، ثم رفع رأسه والتفت إلى ابن طاوس فقال له: حدّثني عن أبيك. قال: نعم، سمعت ابي يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن أشد الناس عذابا القيامة رجل أشركه الله في حكمه فأدخل عليه الجور في عدله» . فأمسك ساعة؛ قال مالك: فضممت ثيابي من ثيابه مخافة أن يملأني من دمه. ثم التفت إليه أبو جعفر فقال: عظني يا بن طاوس قال: نعم يا أمير المؤمنين، [إنّ] الله تعالي يقول أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ. إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ. الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ. وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ. وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ. الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ. فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ. فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ. إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ

قال مالك:

فضممت ثيابي من ثيابه مخافة أن يملأني من دمه. فأمسك ساعة حتى اسود ما بيننا وبينه، ثم قال: يا بن طاوس ناولني هذه الدواة. فأمسك عنه. ثم قال: ناولني هذه الدواة. فأمسك عنه؛ فقال: ما يمنعك أن تناولنيها؟ قال: أخشى أن تكتب بها معصية لله فأكون شريكك فيها. فلما سمع ذلك قال: قوما عني. قال ابن طاوس: ذلك ما كنا نبغي منذ اليوم.

قال مالك: فما زلت أعرف لابن طاوس فضله."

- العقد الفريد - لابن عبد ربه."

كان أبو هرمة أبخلَ الناس على ادّعائه الكرم في شعره، فأتاه يوماً جماعةٌ، فقال: ما جاء بكم؟ فقالوا: شعرك، أولستَ القائل:
‏
أَغشى الطَريقَ بِقُبَّتي وَرواقِها
وَأَحلُّ في قُلَلِ الرُبا وَأُقيمُ
إِنَّ امرأً جَعَلَ الطَريقَ لِبَيتِهِ
طُنُباً وَأنكرَ حَقّهُ .. لَلَئيمُ ‏.

فنظرَ إليهم، وقال:
ما على الأرضِ عصبةٌ أسخفُ منكم عقولاً، أما سمعتُم قولَ الله سبحانه:
"وأنهم يقولون ما لا يفعلون" في الشعراء؟!!
والله، إني لأقولُ ما لا أفعل، وأنتم تريدون أن أفعلَ ما أقول ! والله، لا عصيتُ ربّي في رضاكم!.

- حدائق الأزاهر - لابن عاصم الغرناطي."

ذكر ابن حبيب أن أخَّا لعثمان بن سعيد سقط في البئر،
فقال أخوه: أنت في البئر؟
قال: أما تراني!
قال: لا تذهب حتى أجيئك بمن يخرجك."

- أخبار الحمقى والمغفلين للإمام ابن الجوزي."

" قيلَ لِأَبي المِخَشِّ الأَعرَابي:
أَيَسُرُّكَ أنَّكَ خليفةٌ وأنَّ أَمَتَكَ حُرَّة؟ قال:
لا والله ما يَسُرُّني! قيلَ لَه:
ولِمْ؟ قال: لِأنَّها كانَت تَذهُبُ الأَمَةُ وتَضيعُ الأُمَّةُ!“.

العِقد الفَريد - ابنُ عَبدِ رَبِّه الأندَلسي."

يحكى أن رجلًا أعور صدم امرأة عن غير قصد في بعض الأسواق، فالتفتت إليه، وقالت:
- أعمى الله بصرك.
فقال لها:
- يا سيدتي، قد استجاب الله نصف دعائك."

عن ابن كيسان، قال: سَهِرتُ ليلةً أدرس فنمتُ، فرأيتُ جماعةً مِن الجِنِّ يَتذاكرون الفِقه والحديث والحِساب والنَّحو والشِّعر.

فقلتُ لهم: أفيكُم عُلَمَاء؟ قالوا: نعم.

فقلتُ: إلى مَن تَميلون مِن النَّحويين؟
قالوا: إلى سِيبَوَيْه.

قال أبو عمر- يعني ابن كيسان- فحدَّثتُ بها أبا موسى- وكان يغبطه لحسدٍ كان بينهما- فقال لي أبو موسى: إنَّما مالوا إليه؛ لأنَّ سِيبَوَيْه مِن الجِنِّ.

- نُزهة الألباء في طبقات الأدباء - لأبي البركات الأنباري."

لما رأى زوجته قال لها: "مرحبًا بسوداء القلب"

ولكنَّه -رحمَه اللهُ- لم يسعفه الوقت حينها ليخبرها أنّ سوداء القلب هي حبَّته ومهجته!. "

كان "أبو القماقم" من ظرفاء العصر العباسي ، وكان يعشق حسناء من جيرانه ، فأرسل إليها يقول :
"ابعثي لي طبق شواء آكله على اسمك"
فبعثت به إليه

فلما كان من الغد ، أرسل رسول يقول :
"ابعثي لي طبق حلوى آكله على ذكرك"

فقالت لرسوله:
"قل له إن منبع الحبّ من القلب ، فإذا تناهى بلغ الكبِد ، وإنما حبّك لا يتجاوز معدتك !"

-فكان ردّه :
"إنّما فعلت هذا لأقوى على محبّتك ألم تسمعي قول الشاعر :

" إذا كان في قلبي طعام ذكرتها.
وإن جعت لم تخطر ببالي ولا فكري."

هربت زوجة الفرزدق التي تزوجها غصبا إلى زوجة الخليفة عبد الله بن الزبير طالبة حمايتها وتطليقها من الفرزدق، فجاء أبناء عبد الله بن الزبير وقالوا لأبيهم: أعد زوجته تسلم من لسانه وقومه.

وقالت زوجته: لا تعدها أيعقل أن يقول العرب إن امرأة استجارت بالخليفة فخذلها!.

فسمع عبد الله بن الزبير كلام زوجته.

فقال الفرزدق هجاءً هذين البيتين اللذين يوضحان الفرق بين واسطة المرأة وواسطة الرجل:

أما بنوه فلم تنفع شفاعتهم
                   وشُفّعت بنت منظور بن زبانا
ليس الشفيع الذي يأتيك مؤتزرا
                 مثل الشفيع الذي يأتيك عريانا

- كتاب الأغاني."

قامَ رجلٌ في مجلِس خالد بنِ عبد الله فقال:
أصلحك اللهُ! قَد قلتُ فيكَ بيتَين، ولستُ أنشِدهُما حتَّى تعطيني قيمتَهما. قال: وكم قيمتُهما؟ قال: عِشرونَ ألفاً.
فأمرَ لَه بها، فأنشدَ الرَّجل:

قد كانَ آدمُ قبلَ حينِ وفاتِهِ  
أَوصَاكَ وهو يجودُ بالحَوْبَاءِ

بِبَنيهِ أَنْ ترعاهمُ فرعَيْتَهُمْ
فَكَفَيْتَ آدمَ عَيْلَةَ الأَبناءِ

فأمرَ لهُ بعشرينَ ألفٍ أُخرى، وجَلَدَهُ خمسينَ جَلدة، وأمرَ أن يُنادى علَيه: هذا جزاءُ مَن لا يُحسِنُ قيمةَ الشِّعر.“.

- الفوائد والأخبار- ابنُ دُرَيد."

دعا أعرابي فقال :

اللَّٰهُمَّ مَن ظلمَني مرَّةً فأخْزِه ، ومَن ظلمَني مرَّتين فأخْزِني وأخْزِهِ ، ومَن ظلمَني ثلاث مرَّات فأخْزِني ولا تُخْزِه.!

ورُوِيَ أَنَّ بَشَّارَ بنَ بُردٍ لَم يَجزَع مِن هِجاءٍ قَطّ كَجَزَعِهِ مِن بَيتِ حَمَّادِ عَجْرَد فِيهِ حَيْثُ قَالَ:

وَيَا أقبحَ مِن قِردٍ
إِذا مَا عَمِيَ القِردُ

قيلَ أَنَّ بشاراً لمَّا سَمع البَيتَ بَكَى وَقَالَ: يَرانِي فَيَصِفُنِي وَلَا أرَاهُ فأصِفَه!“.

- ثِمارُ القُلوب في المُضاف والمنسوب - أبو مَنصور الثَّعالبي."

تَقولُ العَرَبُ:
” لا يُطاعُ لِقَصيرٍ أَمْر!“

وقَصيرُ هذا هو قَصيرُ بنُ سَعد اللَّخمي.
كان مَولى جُذيمةَ الأبرَش، الَّذي دَعتهُ الزَّباء الَّتي كانت حينها تحكم الشام إلى أن يَفِدَ إلَيها ويتزوَّجَ بها، ويَضُمَّ مُلكَها إلى مُلكِه، فاستشارَ جُذَيمةُ قَومَه، فَشجَّعوهُ على المَسيرِ إلَيها إلَّا قَصير فقَد نَصَحَهُ بأن لا يَذهبَ لِأنَّ جُذيمةَ كان قَد وَتَرَ الزَّبَّاءَ بقتلِ أبيها، وأدرَكَ قَصيرٌ أنَّ هذه الدَّعوةَ تُخفي وراءَها سِرَّاً، ولكنَّ جُذَيمةَ عزَمَ على المسيرِ مُخالِفا رَأيَ قَصيرٍ، ولَمَّا ذهبَ إلَيها قتَلَتْهُ، فقالَ قصيرُ:
”لا يُطاعُ لِقَصيرٍ أَمْر!“. فصارَ قولُه مَثَلاً يَضرِبهُ مَن لا يُطاعُ أمرُه.

- مَجمَعُ الأمثال - أبو الفضل الميداني."

حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ قَالَ كَانَ فِينَا فَتًى ظَرِيفٌ غَزِلٌ وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَتَحَدَّثُ إِلَى النِّسَاءِ فَهَوَى جَارِيَةً مِنَ الْحَيِّ فَرَاسَلَهَا فَأَظْهَرَتْ لَهُ جَفْوَةً فَوَقَعَ مُضْنًى مُدْنِفًا وَظَهَرَ أَمْرُهُ وَتَبَيَّنَتْ دَنَفَهُ فَلَمْ يَزَلِ النِّسَاءُ مِنْ أهلِه وَأَهْلِهَا يُكَلِّمُوَنَهَا فِيهِ حَتَّى أَجَابَتْهُ فَصَارَتْ إِلَيْهِ عَائِدَةً وَمُسَلِّمَةً فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ تَحَدَّرَتْ عَيْنَاهُ بِالدِّمُوعِ وَأَنْشَأَ يَقُولُ:

أَرَيْتُكِ إِنْ مَرَّتْ عَلَيْكِ جَِنَازَتِي
تَلُوحُ بِهَا أَيْدٍ طُوَالٍ وَشُرَّعِ

‌أَمَا ‌تَتْبَعِينَ ‌النَّعْشَ ‌حَتَّى ‌تُسَلِّمِي
عَلَى رَمْسِ مَيْتٍ فِي الْحُفَيرَةِ مُودَعِ

قَالَ فَبَكَتْ رَحْمَةً لَهُ وَقَالَتْ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ الأَمْرَ بَلَغَ بِكَ هَذَا  «فَوَاللَّهِ لأُسَاعِدَنَّكَ وَلأُدَاوِمَنَّ عَلَى وَصْلِكَ فَهَمِلَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ وَأَنْشَأَ يَقُولُ:

دَنَتْ وَظِلالُ الْمَوْتِ بيني وَبَينهَا
وَمنَّت بِوَصلٍ حِين لَا يَنْفَعُ الْوَصْلُ

ثُمَّ شَهَِقَ شَهْقَةً خَرَجَتْ نَفْسُهُ فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ تَلْثُمُهُ وَتَبْكِي فَرُفِعَتْ عَنْهُ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا فَمَا مَكَثَتْ بَعْدَهُ إِلا أَيَّامًا حَتَّى مَاتَت

- ابن الجوزي - ذم الهوى."